* ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَاكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
قوله: ﴿أَن يَشْهَدَ﴾: يجوزُ فيه أوجهٌ، أحدها: مِنْ أَنْ يَشْهدَ. الثاني: خيفةَ أن يَشْهد. الثالث: لأَجْلِ أَنْ يَشْهد، وكلاهما بمعنى المفعول له. الرابع: عن أَنْ تَشْهَدَ أي: ما كنتم تَمْتَنِعون، ولا يُمْكِنُكم الاختفاءُ عن أعضائِكم والاستتارُ عنها. الخامس: أنه ضُمِّن معنى الظنِّ وفيه بُعْدٌ.
* ﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الُخَاسِرِينَ ﴾
قوله: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ﴾: فيه أوجهٌ، أحدها: أنَّ "ظنُّكم" خبرُه، و"الذي ظَنَنْتُمْ" نعتُه، و"أَرْدَاكم" حالٌ و"قد" معه مقدرةٌ على رَأْيِ الجمهورِ خلافاً للأخفشِ. ومَنْعُ مكيّ الحاليةَ للخلوِّ مِنْ "قد" ممنوعٌ لِما ذكرْتُه. الثاني: أَنْ يكونَ "ظنُّكم" بدلاً والموصولُ خبرُه. و"أَرْدَاكم" حالٌ أيضاً. الثالث: أَنْ يكونَ الموصولَ خبراً ثانياً. الرابع: أَنْ يكونَ "ظَنُّكم" بدلاً أو بياناً، والموصول هو الخبر، و"أَرْداكم" خبرٌ ثانٍ. الخامس: أن يكون "ظَنُّكم" والموصولُ والجملةُ مِنْ "أَرْدَاكم خبران". قال: "لأنَّ قوله: "وذلكم" إشارةٌ إلى ظَنِّهم السابقِ فيصير التقديرُ: وظَنُّكم بربكم أنه لا يعلم ظنُّكم بربكم، فاسْتُفيد من الخبر ما اسْتُفيد من المبتدأ وهو لا يجوزُ، وهذا نظيرُ ما منعه النحاةُ مِنْ قولك: "سَيِّدُ الجارية مالِكُها"./ وقد منع ابنُ عطية كونَ "أَرْداكم" حالاً لعدمِ وجودِ "قد" وقد تقدَّم الخلافُ في ذلك.
* ﴿ فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾
(١٢/٣٨٧)
---