قوله: ﴿يَسْتَعْتِبُواْ﴾: العامَّةُ على فَتْحِ الياءِ وكسرِ التاءِ الثانيةِ مبنيَّاً للفاعلِ. ﴿فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ بفتح التاء اسمَ مفعول، ومعناه: وإنْ طَلبوا العُتْبى وهي الرِّضا فما هم مِمَّنْ يُعْطاها. وقيل: المعنى: وإنْ طَلَبوا زوالَ ما يُعْتَبُون فيه فما هم من المُجابين إلى إزالةِ العَتَبِ.
وأصلُ العَتَبِ: المكانُ النائِي بنازِلَةٍ، ومنه قيل لأُسْكُفَّةِ الباب والمِرْقاة: عَتَبة، ويُعَبَّر بالعَتَبِ عن الغِلْظَة التي يَجدها الإِنسانُ في صدرِه على صاحبِه. وعَتَبْتُ فلاناً: أبرزْتُ له الغِلْظَة. وأَعْتَبْتُه: أَزَلْتُ عُتْباه كأَشْكَيْتُه. وقيل: حَمَلْتُه على العَتَب.
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد "وإن يُسْتَعْتَبوا" مبنيَّاً للمفعولِ. ﴿فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ اسمَ فاعلٍ بمعنى: إنْ يُطْلَبْ منهم أن يُرْضُوا فما هم فاعِلون ذلك، لأنهم فارَقوا دارَ التكليف. وقيل معناه: إنْ يُطْلَبْ ما لا يُعْتَبُون عليه فما هم مِمَّنْ يُزيل العُتْبى. وقال أبو ذؤْيبٍ:
٣٩٥٧- أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِه تَتَوَجَّعُ * والدهرُ ليسَ بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
* ﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِيا أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ ﴾
قوله: ﴿وَقَيَّضْنَا﴾: أصلُ التَّقْييضِ التيسيرُ والتهيئَةُ. قَيَّضْتُه له لكذا: هَيَّأْتُه ويَسَّرْتُه. وهذان ثوبان قَيْضان أي: كلٌّ منهما مكافِئٌ للآخَر في الثمن. والمقايَضَةُ: المعاوَضَةُ. وقوله: ﴿نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً﴾ أي: نُسَهِّلْ ليَسْتوليَ عليه استيلاءَ القَيْضِ على البَيْض. والقَيْضُ في الأصلِ: قِشْرُ البيضِ الأعلى.
(١٢/٣٨٨)
---