قوله: "في أُمَمٍ" في محلِّ نصبٍ على الحالِ من الضمير في "عليهم" والمعنى: كائنين في جملةِ أمم، وهذا كقولِه:
٣٩٥٨- إنْ تَكُ عَنْ أَحْسَنِ الصَّنيعةِ مَأْ * فُوْكاً ففي آخَرين قد أَفِكُوا
أي: في جملة قومٍ آخرين. وقيل: إن "في" بمعنى مع.
* ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَاذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾
قوله: ﴿وَالْغَوْاْ﴾: العامَّةُ على فتحِ الغين. وهي تحتملُ وجهين، أحدُهما: أَنْ يكون مِنْ لَغِي بالكسر يَلْغَى. وفيها معنيان، أحدُهما: مِنْ لَغِيَ إذا تكلَّم باللَّغْوِ، وهو ما لا فائدةَ فيه. والثاني: أنه مِنْ لَغِي بكذا، أي: رَمى به فتكونُ "في" بمعنى الباء أي: ارْمُوا به وانبِذُوه. والثاني من الوجهين الأوَّلين: أَنْ تكونَ مِنْ لَغا بالفتح يَلْغَى بالفتحِ أيضاً، حكاه الأخفش، وكان قياسُه الضمَّ كغزا يَغْزو، ولكنه فُتِح لأجلِ حَرْفِ الحلقِ. وقرأ قتادة وأبو حيوة وأبو السَّمَّالِ والزعفراني وابن أبي إسحاق وعيسى بضم الغين، مِنْ لَغا بالفتحِ يَلْغُو كدَعا يَدْعُو. وفي الحديث: "فقد لَغَوْتَ"، وهذا موافِقٌ لقراءةِ غيرِ الجمهور.
* ﴿ ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾
قوله: ﴿ذَلِكَ﴾: فيه وجهان، أحدهما: أنه مبتدأٌ و"جزاءُ" خبره. والثاني: أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: الأمرُ ذلك و﴿جَزَآءُ أَعْدَآءِ اللَّهِ﴾ جملةٌ مستقلةٌ مبيِّنَةٌ للجملةِ قبلَها.
قوله: "النارُ" فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها بدلٌ مِنْ "جزاء"، وفيه نظرٌ؛ إذ البدلُ يَحُلُّ مَحَلَّ المبدلِ منه، فيصيرُ التقديرُ: ذلك النار. الثاني: أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ. الثالث: أنها مبتدأٌ، و﴿لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ﴾ الخبر. و"دارُ" يجوز ارتفاعُها بالفاعليَّة أو الابتداءِ.
(١٢/٣٨٩)
---


الصفحة التالية
Icon