* ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾
قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَقَامُواْ﴾: ثم لتراخي الرتبة في الفضيلة.
قوله: ﴿أَلاَّ تَخَافُواْ﴾: يجوزُ في "أَنْ" أن تكونَ المخففةَ، أو المفسِّرةَ، أو الناصبةَ. و"لا" ناهيةٌ على الوجهين الأوَّلين، ونافيةٌ على الثالث. وقد تقدَّم ما في ذلك من الإِشكالِ، والتقديرُ: بأنْ لا تَخافوا أي: بانتفاءِ الخَوْفِ. وقال أبو البقاء: "التقديرُ بأَنْ لا تَخافوا، أو قائلين: أن لا تخافوا، فعلى الأولِ هو حالٌ أي: نَزَلوا بقولِهم: لا تخافوا، وعلى الثاني الحالُ محذوفةٌ". قلت يعني أنَّ الباءَ المقدرةَ حاليةٌ، فالحالُ غيرُ محذوفةٍ، وعلى الثاني الحالُ هو القولُ المقدَّر. وفيه تسامحٌ، وإلاَّ فالحالُ محذوفةٌ في الموضعَيْن، وكما قام المقولُ مَقامَ الحالِ كذلك قام الجارُّ مَقامَها.
وقرأ عبدُ الله "لا تَخافوا" بإسقاط "أنْ"، وذلك على إضمارِ القول أي: يقولون: لا تَخافوا.
* ﴿ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ﴾
قوله: ﴿نُزُلاً﴾: فيه أوجهٌ، أحدها: أنه منصوبٌ على الحالِ من الموصولِ، أو من عائدِه. والمراد بالنُزُلِ الرزقُ المُعَدُّ للنازِل، كأنه قيل: ولكم فيها الذي تَدَّعُونه حال كونِه مُعَدًّا. الثاني: أنَّه حالٌ مِنْ فاعل "تَدَّعُوْن"، أو من الضمير في "لكم" على أَنْ يكونَ "نُزُلاً" جمعَ نازِل كصابِر وصُبُر، وشارِف وشُرُف. الثالث: أنه مصدرٌ مؤكِّدٌ. وفيه نظرٌ؛ لأنَّ مصدرَ نَزَل النزولُ لا النُّزُل. وقيل: هو مصدرُ أَنْزَل.
(١٢/٣٩١)
---


الصفحة التالية
Icon