والثاني: أنه محذوفٌ لفَهْمِ المعنى وقُدِّر: مُعَذَّبون، أو مُهْلَكون، أو معانِدون. وقال الكسائي: "سَدَّ مَسَدَّه ما تقدَّم من الكلامِ قبلَ "إنَّ" وهو قولُه: ﴿أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ﴾. قلت: يعني في الدلالةِ عليه والتقديرُ: يُخَلَّدون في النارِ. وسأل عيسى بن عمر عمرَو بن عبيدٍ عن ذلك فقال: معناه في التفسير: إنَّ الذين كفروا بالذكْرِ لَمَّا جاءهم كفروا به. فقدَّر الخبرَ مِنْ جنسِ الصلةِ. وفيه نظرٌ؛ من حيث اتحادُ الخبرِ والمخبرِ عنه في المعنى من غيرِ زيادةِ فائدةٍ نحو: "سيدُ الجاريةِ مالكُها".
الثالث: أنَّ "الذين" الثانيةَ بدلٌ مِنْ "إنَّ الذين" الأولى، والمحكومُ به على البدلِ محكومٌ به على المبدلِ منه فيلزَمُ أَنْ يكونَ الخبرُ ﴿لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ﴾. وهو منتزَعٌ من كلامِ الزمخشري.
الرابع: أنَّ الخبرَ قولُه: ﴿لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ﴾ والعائدُ محذوفٌ تقديره: لا يأتيه الباطلُ منهم نحو: السَّمْنُ مَنَوان بدرهم أي: مَنَوان منه. أو تكون أل عوضاً من الضمير في رأيِ الكوفيين تقديرُه: إنَّ الذين كفروا بالذِّكر لا يأتيه باطلُهم.
الخامسُ: أنَّ الخبرَ قولُه: ﴿مَّا يُقَالُ لَكَ﴾، والعائدُ محذوفٌ أيضاً تقديرُه: إنَّ الذين كفروا بالذكرِ ما يُقال لك في شَأنِهم إلاَّ ما قد قيل للرسلِ مِنْ قبلِك. وهذان الوجهان ذهب إليهما الشيخُ.
السادس: ذهب إليه بعضُ الكوفيين أنه قولُه: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ وهذا غيرُ متعقَّلٍ.
(١٢/٣٩٥)
---