قوله: ﴿لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾: إنما ذَكَّر "قَريب" وإنْ كان صفةً لمؤنث لأنَّ الساعةَ في معنى الوقتِ، أو البعثِ، أو على معنى النَّسب أي: ذاتُ قُرْب، أو على حَذْفِ مضافٍ أي: مجيء الساعةِ. وقيل: للفرق: بينها وبين قرابةِ النسَبِ. وقيل: لأنَّ تأنيثها مجازيٌّ، نقله مكي، وليس بشيءٍ؛ إذ لا يجوز: الشمسُ طالعٌ ولا القِدْرُ فائرٌ. وجملةُ الترجِّي أو الإِشفاقِ مُعَلِّقَةٌ للدرايةِ. وتقدَّم مثلُه آخرَ الأنبياء.
* ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ ﴾
قوله: ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾: قد تَقَدَّم أنَّ كَوْنَ الشرطِ ماضياً والجزاءِ مضارعاً مجزوماً لا يختَصُّ مجيْئُه بـ "كان" خلافاً لأبي الحكم مصنِّفِ "كتابِ الإِعراب" فإنَّه قال: "لا يجوز ذلك إلاَّ مع "كان" إلاَّ في ضرورةِ شعرٍ". وأطلق النَّحْويون جوازَ ذلك، وأنشدوا بيتَ الفرزدق:
٣٩٧١- دَسَّتْ رسولاً بأنَّ القوم إنْ قَدِرُوا * عليك يَشْفُوا صدوراً ذاتَ تَوْغيرِ
وقولَه أيضاً:
٣٩٧٢- تَعَشَّ فإنْ عاهَدْتَني لا تَخُونني * نكنْ مِثْلَ مَنْ يا ذئبُ يصْطَحِبان
وقرأ ابن مقسم والزعفراني ومحبوب "يَزِدْ" و"يُؤْتِه" بالياء مِنْ تحتُ أي: الله تعالى. وقرأ سلام "نُؤْتِهُ" بضمِّ هاءِ الكناية وهو الأصلُ، وهي لغةُ الحجاز. وتقدَّمَ خلافُ القُرَّاءِ في ذلك.
* ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
قوله: ﴿شَرَعُواْ لَهُمْ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ المرفوع عائداً على الشركاء، والمجرورُ على الكفار. ويجوز العكسُ؛ لأنَّهم جَعَلوا لهم أنْصِباءَ.
(١٢/٤١٢)
---