بنصبِ "ونَأْخُذ" ورفعِه وجَزْمِه. وهذا كما قُرِئ بالأوجه الثلاثة بعد الفاءِ في قولِه تعالى: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ وقد تقدَّم تقريرُه آخرَ البقرةِ، ويكونُ قد عَطَفَ هذا المصدرَ المؤولَ مِنْ "أَنْ" المضمرةِ والفعلِ على مصدرٍ مُتَوَهَّمٍ من الفعلِ قبلَه. تقديرُه: أو يقع إيباقٌ وعَفْوٌ عن كثيرٍ. فقراءةُ النصبِ كقراءة الجزم في المعنى، إلاَّ أنَّ في هذه عَطْفَ مصدرٍ مؤولٍ على مصدرٍ مُتَوَهَّمٍ، وفي تَيْكَ عطفَ فعلٍ على مثلِه.
* ﴿ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيا آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ ﴾
(١٣/٢)
---
قوله: ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ﴾: قرأ نافعٌ وابنُ عامر برفعِه. والباقون بنصبِه. وقُرِئ بجزمِه أيضاً. فأمَّا الرفعُ فهو واضحٌ جداً، وهو يحتملُ وجهين: الاستئنافَ بجملةٍ فعليةٍ، والاستئنافَ بجملةٍ اسميةٍ، فتُقَدِّرُ قبل الفعل مبتدأً أي: وهو يعلمُ الذين، فالذين على الأول فاعلٌ، وعلى الثاني مفعولٌ. فأمَّا قراءةُ النصبِ ففيها أوجهٌ، أحدُها: قال الزجَّاج: "على الصَّرْف". قال: "ومعنى الصرفِ صَرْفُ العطف عن اللفظ إلى العطفِ على المعنى". قال: "وذلك أنَّه لَمَّا لم يَحْسُنْ عطفُ "ويعلَمْ" مجزوماً على ما قبلَه إذ يكونُ المعنى: إنْ يَشَأْ/ يَعْلَمْ، عُدِل إلى العطف على مصدرِ الفعلِ الذي قبلَه. ولا يتأتَّى ذلك إلاَّ بإضمار "أنْ" ليكونَ مع الفعلِ في تأويلِ اسم".
الثاني: قولُ الكوفيين أنه منصوبٌ بواوِ الصرف. يَعْنُون أنَّ الواوَ نفسَها هي الناصبةُ لا بإضمارِ "أنْ"، وتقدَّم معنى الصرف.


الصفحة التالية
Icon