* ﴿ وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾
والنَّعْمَةُ بالفتح: نَضارةُ العيشِ ولَذاذَتُه. والجمهور على جَرِّها. ونَصَبَها أبو رجاءٍ عَطْفاً على "كم" أي: تركوا كثيراً مِنْ كذا، وتركوا نَعْمة.
قوله: "فاكِهين" العامَّةُ على الألف أي: طَيِّبي الأنفسِ أو أصحابُ فاكهة كـ لابنِ وتامرِ. وقيل: فاكهين لاهين. وقرأ الحسن وأبو رجاء "فَكِهين" أي: مُسْتَخِفِّين مُسْتهزئين. قال الجوهري: "يُقال: فَكِهَ الرجلُ بالكسرِ فهو فَكِهٌ إذا كان مَزَّاحاً والفَكِهُ أيضاً: الأشِرُ".
* ﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ ﴾
قوله: ﴿كَذَلِكَ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ الكافُ مرفوعةَ المحلِّ خبراً لمبتدأ مضمر أي: الأمرُ كذلك، وإليه نحا الزجَّاج. ويجوزُ أَنْ تكون منصوبةَ المحلِّ، فقَدَّرها الحوفيُّ: أَهْلكنا إهْلاكاً وانتقَمْنا انتقاماً كذلك. وقال الكلبيُّ: "كذلك أَفْعَلُ بمَنْ عَصاني". وقيل: تقديرُه: يَفْعل فِعْلاً كذلك. وقال أبو البقاء: "تَرْكاً كذلك" فجعله نعتاً للتركِ المحذوفِ. وعلى هذه الأوجهِ كلِّها يُوْقَفُ على "كذلك" ويُبْتدأ "وأَوْرَثْناها". وقال الزمخشري: "الكافُ منصوبةٌ على معنى: مثلَ ذلك الإِخراجِ أَخْرَجْناهم منها وأَوْرَثْناها قوماً آخرين ليسوا منهم"، فعلى هذا يكون "وأَوْرَثْناها" معطوفاً على تلك الجملةِ الناصبةِ للكاف، فلا يجوزُ الوقفُ على "كذلك" حينئذٍ.
* ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ﴾
قوله: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ استعارةً كقولِ الفرزدق:
٤٠١٦- الشمسُ طالِعَةٌ ليسَتْ بكاسِفَةٍ * تَبْكي عليك نجومَ الليلِ والقمرا
وقال جرير:
٤٠١٧- لَمَّا أتى خبرُ الزُّبَيْرِ تواضَعَتْ * سُوْرُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ
وقال النابغة:
٤٠١٨- بكى حارِثُ الجَوْلانِ مِنْ فَقْدِ رَبِّهِ * وحَوْرَانُ منه خاشِعٌ مُتَضائِلُ
(١٣/٥٦)
---