وقد وَهِم أبو البقاء فجعلها مِنْ ذلك فقال: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ يُقرأ بكسر التاءِ، وفيه وجهان، أحدهما: أنَّ "إنَّ" مضمرةٌ حُذِفَتْ لدلالة "إنَّ" الأُولى عليها، وليسَتْ "آيات" معطوفةً على "آيات" الأولى لِما فيه من العطفِ على معمولَيْ عامليْن. والثاني: أَنْ تكونَ كُرِّرَتْ للتأكيد لأنها مِنْ لفظ "آيات" الأُوْلى، وإعرابُها كقولِك: "إن بثوبك دماً وبثوبِ زيد دماً" فـ "دم" الثاني مكررٌ؛ لأنَّك مُسْتغنٍ عن ذِكْرِه" انتهى.
فقوله: "وليسَتْ معطوفةً على آياتِ الأولى لِما فيه من العطفِ على عامِلَيْن" وَهَمٌ؛ أين معمولُ العاملِ الآخر؟ وكأنه توهَّمَ أنَّ "في" ساقطةٌ مِنْ قولِه: "وفي خَلْقِكم" أو اختلطَتْ عليه﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ بهذه؛ لأنَّ تَيْكَ فيها ما يُوْهِمُ العطفَ على عامِلَيْن وقد ذكره هو أيضاً.
وأمَّا الرفعُ فمِنْ وجهَيْن أيضاً، أحدهما: أَنْ يكونَ "في خَلْقِكم" خبراً مقدَّماً، و"آياتٌ" مبتدأً مؤخراً، وهي جملةٌ معطوفةٌ على جملة مؤكدةٍ. بـ "إنَّ". والثاني: أَنْ تكون معطوفةً على "آيات" الأولى باعتبار المحلِّ عند مَنْ يُجيزُ ذلك، لا سيما عند مَنْ يقولُ: إنه يجوز ذلك بعد الخبرِ بإجماعٍ.
(١٣/٦٦)
---