قوله: ﴿ذَلِكَ﴾: فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأٌ. والخبرُ الجارُّ بعدَه. والثاني: قاله الزمخشري أنَّه خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: الأمرُ ذلك بسببِ كذا. فالجارُّ في محلِّ نصبٍ. قال الشيخ: "ولا حاجةَ إليه".
قوله: "كذلك يَضْرِبُ" خرَّجَه الزمخشريُّ على: مِثْلَ ذلك الضربِ يَضْرِبُ اللَّهُ للناسِ أمثالَهم. والضميرُ راجعٌ إلى الفريقين أو إلى الناسِ، على معنى: أنه يَضْرِبُ أمثالَهم لأجلِ الناس ليَعْتَبِروا.
* ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَاكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾
قوله: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ﴾: العاملُ في هذا الظرفِ فعلٌ مقدر هو العاملُ في "ضَرْبَ الرِّقاب" تقديرُه: فاضربوا الرقابَ وقتَ ملاقاتِكم العدوَّ. ومنع أبو البقاء أَنْ يكونَ المصدر نفسُه عاملاً قال: "لأنه مؤكَّدٌ". وهذا أحدُ القولَيْن في المصدرِ النائبِ عن الفعل نحو: "ضَرْباً زيداً" هل العملُ منسوبٌ إليه أم إلى عامِله؟ ومنه:
٤٠٥٠- على حينَ أَلْهى الناسَ جُلُّ أمورِهمْ * فنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالبِ
فالمالَ منصوبٌ: إمَّا بـ "انْدُلْ" أو بـ "نَدْلا"، والمصدر هنا أُضيف إلى معمولِه. وبه اسْتُدِلَّ على أنَّ العملَ للمصدرِ لإِضافتِه إلى ما بعدَه، ولو لم يكنْ عامِلاً لما أُضِيْفَ إلى ما بعده.
قوله: "حتى إذا" هذه غايةٌ للأمرِ بضَرْبِ الرقاب. وقرأ السُّلَمِيُّ "فَشِدُّوا" بكسر الشين. وهي ضعيفةٌ جداً. والوَثاق بالفتح - وفيه الكسر - اسمُ ما يُوْثَقُ به.
(١٣/١١٠)
---


الصفحة التالية
Icon