قوله: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً﴾ فيهما وجهان، أشهرهما: أنهما منصوبان على المصدر بفعلٍ لا يجوزُ إظهارُه؛ لأنَّ المصدرَ متى سِيْقَ تفصيلاً لعاقبةِ جملةٍ وَجَبَ نصبُه بإضمارِ فِعْلٍ لا يجوزُ إظهارُه والتقديرُ: فإمَّا أَنْ تَمُنُّوا مَنًّا، وإمَّا تُفادُوا فداءً. ومثله:
٤٠٥١- لأَجْهَدَنَّ فإمَّا دَرْءُ واقِعَةٍ * تُخْشَى وإمَّا بلوغُ السُّؤْلِ والأَمَلِ
والثاني: - قاله أبو البقاء - أنهما مفعولان بهما لعاملٍ مقدرٍ تقديره: "أَوْلُوْهُمْ مَنَّاً، واقْبَلوا منهم فداءً". قال الشيخ: "وليس بإعرابِ نحوي". وقرأ ابن كثير "فِدَى" بالقصر. قال أبو حاتم: "لا يجوزُ؛ لأنه مصدرُ فادَيْتُه" ولا يُلْتَفت إليه؛ لأنَّ الفراءَ حكى فيه أربعَ لغاتٍ: المشهورةُ المدُّ والإِعرابُ: فداء لك، وفداءٍ بالمد أيضاً والبناء على الكسر والتنوين، وهو غريبٌ جداً. وهذا يُشْبه قولَ بعضِهم "هؤلاءٍ" بالتنوين، وفِدى بالكسر مع القصر، وفَدَى بالفتح مع القصرِ أيضاً.
والأَوْزارُ هنا: الأَثْقال، وهو مجازٌ. قيل: هو مِنْ مجاز الحَذْف أي: أهل الحرب. والأَوْزار عبارةٌ عن آلاتِ الحرب. قال الشاعر:
٤٠٥٢- وأَعْدَدْت للحَرْبِ أوزارَها * رِماحاً طِوالاً وخَيْلاً ذُكوراً
و"حتى" الأولى غايةٌ لضَرْبِ الرِّقاب، والثانيةُ لـ "شُدُّوا". ويجوزُ أَنْ يكونا غايتين لضَرْبِ الرِّقابِ، على أنَّ الثانيةَ توكيدٌ أو بدلٌ.
قوله: "ذلك" يجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: الأمرُ ذلك، وأَنْ ينتصِبَ بإضمارِ افْعَلوا.
قوله: "ليَبْلُوَ بَعْضَكم" أي: ولكنْ أَمَرَكم بالقتال ليَبْلُوَ.
(١٣/١١١)
---