قوله: "وسُقُوا" عطفٌ على الصلةِ، عَطَفَ فعليةً على اسمية، لكنه راعى في الأولِ لفظ "مَنْ" فأَفْرَدَ، وفي الثانيةِ معناها فجَمَعَ.
والأَمْعاءُ: جمع مِعىً بالقصرِ، وهو المُصْرانُ الذي في البطن وقد وُصِفَ بالجمع في قوله:
٤٠٥٩-.......................... *................ ومِعَىً جياعا
على إرادةِ الجنسِ. وألفُه عن ياءٍ بدليلِ قولهم: مِعَيان.
* ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَائِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوااْ أَهْوَآءَهُمْ ﴾
قوله: ﴿آنِفاً﴾: فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوبٌ على الحالِ، فقدَّره أبو البقاء: "ماذا قال مُؤْتَنِفا". وقَدَّره غيرُه: مُبْتَدِئاً أي: ما القولُ الذي ائْتَنَفه الآن قبلَ انفصالِه عنه. والثاني: أنه منصوبٌ على الظرفِ أي: ماذا قال الساعةَ، قاله الزمخشري. وأنكره الشيخ قال: "لأنَّا لم نعلَمْ أحداً عَدَّه من الظروف". واختلفَتْ عبارتُهم في معناه: فظاهرُ عبارةِ الزمخشري أنه ظرفٌ حاليٌّ كـ الآن، ولذلك فَسَّره بالساعة. وقال ابن عطية: "والمفسِّرون يقولون: آنِفاً معناه الساعةُ الماضيةُ القريبةُ منَّا وهذا تفسيرٌ بالمعنى".
وقرأ البزيُّ عنه "أَنِفاً" بالقصرِ. والباقون بالمدِّ، وهما لغتان بمعنىً واحدٍ، وهما اسما فاعِل كـ حاذِر وحَذِر، وآسِن وأَسِن، إلاَّ أنَّه لم يُسْتعمل لهما فِعْلٌ مجردٌ، بل المستعملُ ائْتَنَفَ يَأْتَنِفُ، واسْتَأْنف يَسْتأنف. والائْتِنافُ والاسْتِئْناف: الابتداء. قال الزجَّاج: "هو مِنْ اسْتَأْنَفْتُ الشيءَ إذا ابتدَأْتَه أي: ماذا قال في أولِ وقتٍ يَقْرُب مِنَّا".
* ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ ﴾
(١٣/١٢٠)
---


الصفحة التالية
Icon