قوله: ﴿مِن وَرَآءِ﴾: "مِنْ" لابتداءِ الغايةِ. وفي كلام الزمخشريِّ ما يمنعُ أنَّ "مِنْ" تكونُ لابتداءِ الغاية وانتهائِها. قال: "لأنَّ الشيءَ الواحدَ لا يكونُ مَبْدَأً للفعلِ ومنتهىً له" وهذا أثبتَه بعضُ الناس، وزعم أنَّها تَدُلُّ على ابتداءِ الفعلِ وانتهائِه في جهةٍ واحدةٍ نحو: "أَخَذْتُ الدرهمَ من الكيس". والعامَّةُ على "الحُجُرات" بضمتين. وأبو جعفر وشَيْبَةُ بفتحها. وابنُ أبي عبلةَ بإسكانها وهي ثلاثُ لغاتٍ تقدَّم تحقيقُها في البقرة في قوله: ﴿فِي ظُلُمَاتٍ﴾. والحُجْرَةُ فُعْلَة بمعنى مَفْعولة كغُرْفة بمعنى مَغْروفة.
* ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ﴾: قد تقدَّم مِثْلُه. وجعله الزمخشري فاعلاً بفعلٍ مقدرٍ أي: ولو ثَبَتَ صبرُهم، وجعل اسمَ كان ضميراً عائداً على هذا الفاعلِ. وقد تقدَّم أنَّ مذهب سيبويهِ أنها في محلِّ رفع بالابتداءِ، وحينئذٍ يكون اسمُ كان ضميراً عائداً على صبرِهم المفهومِ من الفعل.
* ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوااْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
قوله: ﴿أَن تُصِيببُواْ﴾: مفعولٌ له، كقولِه: ﴿أَن تَحْبَطَ﴾
* ﴿ وَاعْلَمُوااْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَاكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَائِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾
(١٣/١٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon