قوله: ﴿فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ قال الفراء: "تقديرُه: فقد كرهتموه فلا تَفْعَلُوه". وقال أبو البقاء: "المعطوفُ عليه محذوفٌ تقديره: عَرَضَ عليكم ذلك فكرِهْتموه، والمعنى: يَعْرَضُ عليكم فتكرهونه. وقيل: إنْ صَحَّ ذلك عندكم فأنتم تَكْرهونه" وقيل: هو خبرٌ بمعنى الأمرِ كقولهم: "اتقى اللَّهَ امرؤٌ فَعَلَ خيراً يُثَبْ عليه". وقرأ أبو حيوةَ والجحدري "فَكُرِّهْتُموه" بضمِّ الكاف وتشديدِ الراءِ عُدِّيَ بالتضعيفِ إلى ثانٍ، بخلافِ قولِه أولاً: ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ﴾، فإنه وإنْ كان مُضَعَّفاً لم يَتَعَدَّ إلاَّ لواحدٍ لتضمُّنِه معنى بَغَّض.
* ﴿ ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوااْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾
قوله: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ﴾: الشُّعوب: جمع شَعْب وهو أعلى طبقاتِ الأنسابِ، وذلك أن طبقاتِ النَّسَبِ التي عليها العربُ ستٌّ: الشَّعْبُ والقبيلة والعِمارة والبَطْنُ والفَخِذُ والفَصيلةُ، وكلُّ واحدٍ يَدْخُل فيما قبله، فالفصيلةُ تَدْخُلُ في الفَخِذ، والفَخِذُ في البطن. وزاد بعضُ الناسِ بعد الفَخِذ العشيرة، فجعلها سبعاً وسُمِّيَ الشَّعبُ شعباً لتشَعُّبِ القبائلِ منه، والقبائل سُمِّيَتْ بذلك لتقابُلها، شُبِّهَتْ بقبائلِ الرأسِ وهي قطعٌ متقابلةٌ. وقيل: الشُّعوب في العجم، والقبائل في العرب، والأسباطُ في بني إسرائيل. وقيل: الشعبُ النَسبُ الأبعدُ، والقبيلةُ الأقربُ. وأنشد:
٤٠٨٦ - قبائلُ مِنْ شُعوبٍ ليس فيهِمْ * كريمٌ قد يُعَدُّ ولا نَجيبُ
والنسَبُ إلى الشَّعْب "شَعوبيَّة" بفتح الشين، وهم جيلٌ يَبْغَضون العربَ.
(١٣/١٥٣)
---