قوله: ﴿هَاذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ "ما" نكرةً موصوفةً و "عتيدٌ" صفتُها و "لَدَيَّ" متعلقٌ بـ"عتيدٌ" أي: هذا شيءٌ عَتيدٌ لديَّ أي: حاضرٌ عندي. ويجوزُ على هذا أَنْ يكونَ "لديَّ" وصفاً لـ"ما"، و "عتيدٌ" صفةٌ ثانيةٌ، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هو عتيدٌ. ويجوزُ أَنْ تكونَ موصولةً بمعنى الذي. و "لَدَيَّ" صلتُها و "عتيدٌ" خبرُ الموصولِ، والموصولُ وصلتُها خبرُ الإِشارةِ. ويجوزُ أَنْ تكون "ما" بدلاً مِنْ "هذا" موصولةً كانت أو موصوفةً بـ"لَدَيَّ" و "عتيدٌ" خبرُ "هذا". وجَوَّز الزمخشريُّ في "عَتيدٌ" أَنْ يكونَ بدلاً أو خبراً بعد خبر أو خبرَ مبتدأ محذوفٍ. / والعامَّةُ على رفعِه، وعبد الله نصبَه حالاً. والأجودُ حينئذٍ أَنْ تكونَ "ما" موصولةً؛ لأنها معرفةٌ، والمعرفةُ يَكْثُرُ مجيءُ الحالِ منها. قال أبو البقاء: "ولو جاء ذلك في غيرِ القرآنِ لجاز نصبُه على الحالِ". قلت: قد جاء ما وَدَّه ولله الحمدُ، وكأنَّه لم يَطَّلعْ عليها قراءةً.
* ﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾
قوله: ﴿أَلْقِيَا﴾: اختلفوا: هل المأمورُ واحدٌ أم اثنان؟ فقال بعضُهم: واحد، وإنما أتى بضميرِ اثنين، دلالةً على تكرير الفعل كأنه قيل: أَلْقِ أَلْقِ. وقيل: أراد أَلْقِيَنْ بالنونِ الخفيفة بأدبلها ألفاً إجراءً للوَصْلِ مُجْرى الوقفِ، ويؤيِّده قراءةُ الحسنِ "أَلْقِيَنْ" بالنونِ.
وقيل: العرب تخاطِبُ الواحدَ مخاطبةَ الاثنين تأكيداً كقولِه:
٤٠٩٥ - فإن تَزْجُراني يا بنَ عَفَّانَ أَزْدَجِرْ * وإنْ تَدَعاني أَحْمِ عِرْضاً مُمَنَّعا
وقال آخر:
٤٠٩٦ - فقُلأْتُ لصاحبي لا تَحْبِسانا *.............................
البيت. وقال بعضُهم: المأمور مثنى. وهذا هو الحقُّ لأنَّ المرادَ مَلَكا يفعلان ذلك.
* ﴿ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَاهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ﴾
(١٣/١٦٤)
---