قوله: ﴿هَاذَا مَا تُوعَدُونَ﴾: هذه الجملةُ يجوزُ فيها وجهان، أحدهما: أَنْ تكونَ معترضةً بين البدلِ والمبدلِ منه؛ ولذلك أنَّ "لكل أَوَّابٍ" بدلٌ من "للمتقين" بإعادةِ العامل. والثاني: أَنْ تكونَ مصنوبةً بقولٍ مضمرٍ، ذلك القولُ منصوبٌ على الحالِ أي: مقولاً لهم. وقد تقدَّم في ص أنه قُرِىء "تُوْعَدون" بالتاء والياء. ونَسَبَ الشيخُ قراءةَ الياءِ مِنْ تحتُ هنا لابن كثيرٍ وأبي عمروٍ، وإنما هي عن ابن كثير وحدَه.
* ﴿ مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾
قوله: ﴿مَّنْ خَشِيَ﴾: يجز أن يكونَ مجرورَ المحلِّ بدلاً أو بياناً لـ"كل". وقال الزمخشري: "إنه يجوزُ أَنْ يكونَ بدلاً بعد بدل تابعاً لكل" انتهى. يعني أنه بدلٌ مِنْ "كل" بعد أن أُبْدِلَتْ "لكل" مِنْ "للمتقين" ولم يَجْعَلْه بدلاً آخر من نفس "للمتقين" لأنَّه لا يتكرَّرُ البدلُ والمبدلُ منه واحدٌ /. ويجوز أن يكونَ بدلاً عن موصوفِ َوَّاب وحفيظ، قاله الزمخشري، يعني أن الأصلَ: لكل شخصٍ أوَّابٍ، فيكون "مَنْ خَشِي" بدلاً مِنْ شخص المقدر قال: "ولا يجوزُ أَنْ يكونَ في حُكم أوَّاب وحفيظ لأنَّن "مَنْ" لا يُوْصَفُ بها، ولا يُوْصَفُ مِنْ بين الموصولاتِ إلاَّ بـ"الذي". يعني بقولِه: "في حُكْمِ أوَّاب" أن يُجْعَل "مَنْ" صفةً، وهذا كما قال لا يجوزُ. إلاَّ أنَّ الشيخَ اسْتَدْرَكَ عليه الحصرَ فقال: "بل يوصف بغير "الذي" من الموصولاتِ كوَصْفِهم بما فيه أل الموصولة نحو: الضارب والمضروب، وكوَصْفِهم بـ ذو وذات الطائيَّتين نحو قولهم: "بالفضل ذو فَضَّلكم اللَّهُ به والكرامةِ ذاتُ أكرمكم اللَّهُ بَهْ".
(١٣/١٦٧)
---


الصفحة التالية
Icon