قوله: ﴿وَفِيا أَنفُسِكُمْ﴾: نَسقٌ على "في الأرض. فهو خبر عن "آياتٌ" أيضاً. والتقدير: وفي الأرض وفي أنفسكم آياتٌ. وقال أبو البقاء: "ومَنْ رفع بالظرفِ جَعَل ضميرَ الآيات في الظرف" يعني مَنْ يرفعُ الفاعلَ بالظرفِ مطلقاً / أي: وإنْ لم يَعْتَمِدْ يَرْفَعُ بهذا الجارِّ فاعلاً هو ضمير "آياتٌ". وجَوَّز بعضُهم أَنْ يتعلَّقَ بـ"تُبْصِرُون" وهو فاسدٌ؛ لأنَّ الاستفهامَ والفاء يمنعان جوازَه. وقرأ قتادة "آيةٌ" بالإفراد.
* ﴿ وَفِي السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾
قوله ﴿رِزْقُكُمْ﴾: أي: سببُ رزقِكم. وقرأ حميد وابن محيصن "رازِقُكم" اسمَ فاعل، واللَّهُ تعالى مُتَعالٍ عن الجهة.
* ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾
والضميرُ في "إنَّه لحقٌّ": إمَّا للقرآنِ، وإمَّا للدينِ، وإمَّا لليوم في قولِه: ﴿وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾ ﴿يَوْمَ هُم﴾ ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾ وإمَّا للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
قوله ﴿مِثْلِ مَا﴾ الأخَوان وأبو بكر "مثلُ" بالرفع، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه خبرٌ ثانٍ مستقلٌّ كالأولِ. والثاني: أنه مع ما قبله خبرٌ واحدٌ نحو: هذا حُلْوٌ حامِضٌ، نقلهما أبو البقاء. والثالث: أنَّه نعتٌ لـ"حق" و "ما" مزيدةٌ على ثلاثةِ الأوجهِ. و "أنَّكم" مضافٌ إليه أي: لَحَقٌّ مثلُ نُطْقِكم. ولا يَضُرُّه تقديرُ إضافتِها لمعرفةٍ لأنها لا تتعر‍َّفُ بذلك لإِبهامِها.
والباقون بالنصبِ وفيه أوجهٌ، أشهرُها: أنه نعتٌ لـ"حَقٌّ" كما في القراءةِ الأولى، وإنما بُنِي الاسم لإِضافتِه إلى غيرِ متمكنٍ، كما بناه الآخرُ في قولِه:
٤١٠٥ - فتَداعَى مَنْخِراه بدَمٍ * مثلَ ما أثمرَ حَمَّاضُ الجَبَلْ
بفتح "مثلَ" مع أنها نعتٌ لـ"دم" وكما بُنِيَتْ "غيرَ" في قوله:
٤١٠٦ - لم يَمْنَعِ الشُّرْبَ منها غيرَ أَن نَطَقَتْ * حمامةٌ في غُصونٍ ذاتِ أَوْقالِ
(١٣/١٧٨)
---


الصفحة التالية
Icon