"غيرَ" فاعلُ "يَمْنع" فبناها على الفتح لإِضافتِها إلى "أنْ نَطَقَتْ" وقد تقدَّم في قراءةِ ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ بالفتحِ ما يُغْني عن تقريرِ مثل هذا.
الثاني: أنَّ "مثلَ" رُكِّب مع "ما" حتى صارا شيئاً واحداً. قال المازني: "ومثلُه: وَيْحَما وهَيَّما وأَيْنَما" وأنشد لحميد بن ثور:
٤١٠٧ - ألا هَيَّما مِمَّا لَقِيْتُ وهَيَّما * ووَيْحاً لِمَنْ لم يَدْرِ ما هُنَّ وَيْحَما
قال: فلولا البناءُ لكان منوَّناً. وأنشد أيضاً:
٤١٠٨ -............................ * فأكْرِمْ بنا أُمَّاً وأكْرِمْ بنا ابْنَما
وهذا الذي ذكرَه ذهب إليه بعضُ النَّحْويين، وأَنْشد:
٤١٠٩ - أثورَ ما أَصِيْدُكم أم ثورَيْنْ * أم هذه الجَمَّاءَ ذاتَ القرنَيْنْ
وأمَّا ماأنشدَه مِنْ قوله: "وأكرِمْ بنا ابنَما" فليس هذا من الباب لأنَّ هذا "ابن" زِيْدَتْ عليه الميم. وإذا زِيْدَتْ عليه الميمُ جُعِلَتِ النونُ تابعةً للميم في الحركاتِ على الفصيح، فتقول: هذا ابنمٌ، ورأيت ابنَماً، ومررت بابنِم، فتُجْري حركاتِ الإِعراب على الميم وتَتْبَعُها النونُ. "وابنما" في البيت منصوبٌ على التمييز، فالفتحُ لأجلِ النصبِ لا للبناءِ، وليس هذه "ما" الزائدةَ، بل الميمُ وحدَها زائدةٌ، والألفُ بدلٌ من التنوين.
الثالث: أنَّه منصوبٌ على الظرفِ، وهو قولُ الكوفيين، ويجيزون "زيدٌ مثلَك" بالفتح. ونقله أبو البقاء عن أبي الحسن، ولكن بعبارةٍ مُشْكِلةٍ فقال: "ويُقْرَأ بالفتح، وفيه وجهان، أحدُهما: هو مُعْرَبٌ. ثم في نصبِه أوجهٌ". ثم قال: "أو على أنه مرفوعُ الموضعِ، ولكنَّه فُتحَ كما فُتح الظرفُ في قوله: ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ على قولِ الأخفَشِ". ثم قال: "والوجه الثاني هو مبنيٌّ". وقال أبو عبيد: "بعضُ العربِ يَجْعَلُ "مثلَ" نصباً أبداً فيقولون: هذا رجلٌ مثلَك".
(١٣/١٧٩)
---