قوله: ﴿وَوَقَاهُمْ﴾ يجوزُ فيه أوجهٌ، أظهرها: أنَّه معطوفٌ على الصلة أي: فَكهين بإيتائِهم ربُّهم وبوقايتِه لهم عذابَ الجحيم. والثاني: أنَّ الجملةَ حالٌ، فتكونُ "قد" مقدرةً عند مَنْ يشترطُ اقترانَها بالماضي الواقعِ حالاً. والثالث: أَنْ يكونَ معطوفاً على "في جنات"، قاله الزمخشريُّ، يعني فيكونُ مُخْبَراً به عن المتقين أيضاً. والعامَّةُ على تخفيفِ القاف من الوِقاية. وأبو حيوة بتشديدها.
* ﴿ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
قوله: ﴿كُلُواْ﴾: على إضمارِ القولِ كقوله: "هذه النار" وشَتَّان ما بين القَوْلين.
قوله: ﴿هَنِيئَاً﴾ قد تقدَّم القولُ فيه وفي "مريئاً" مُشْبَعاً في النساء. وقال الزمخشري هنا: "يُقال لهم: كُلوا واشربوا أَكْلاً وشُرْباً هنيئاً، أو طعاماً وشَراباً هَنيئاً، وهو الذي لا تَنْغيصَ فيه. ويجوز أَنْ يكونَ مثلُه في قوله:
٤١١٦ - هَنِيئاً مَرِيئاً غيرَ داءٍ مُخامِرٍ * لِعَزَّةَ من أعراضِنا ما اسْتَحلَّتِ
أعني صفةً اسْتُعْمِلَتْ استعمالَ المصدرِ القائم مقامَ الفعلِ مرتفعاً به "ما استحلَّت" كما يرتفع بالفعلِ كأنه قيل: هَنَأ عَزَّةَ المُسْتَحَلُّ من أعراضنا، وكذلك معنى "هنيئاً" هنا: هَنَأَكم الأكلُ والشربُ، أو هَنَأَكم ما كنتم تعملون، أي: جزاءُ ما كنتم تعملون، والباء مزيدةٌ كما في ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ﴾ والباءُ متعلقةٌ بـ"كلوا واشربوا" إذا جَعَلْتَ الفاعلَ الأكلَ والشربَ". قلت: وهذا مِنْ محاسنِ كلامِه.
قال الشيخ: "أمَّا تجويزُه زيادةَ الباءِ فليسَتْ بمقيسةٍ في الفاعل إلاَّ في فاعلِ كفى على خلافٍ فيها، فتجويزُها هنا لا يَسُوغُ. وأمَّا قولُه: إنها تتعلَّقُ بـ"كُلوا واشربوا" فلا يَصِحُّ إلاَّ على الإِعمال فهي تتعلَّقُ بأحدهما". انتى وهذا قريبٌ.
* ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾
(١٣/١٩٥)
---


الصفحة التالية
Icon