وقرأ طلحة والأعمش أيضاً "لَتْناهم" بفتح اللام. قال سهل: "لا يجوز فتحُ اللامِ مِنْ غير ألفٍ بحالٍ" ولذلك أَنْكر "آلَتْناهم" بالمدِّ: وقال: "لا يَدُلُّ عليها لغةٌ ولا تفسيرٌ". وليس كما زعم؛ بل نَقَلَ أهلُ اللغةِ: آلَتَ يُؤْلِتُ. وقُرِىء "وَلَتْناهم" بالواو كـ"وَعَدْناهم" نَقَلها هارون. قال ابن خالويه: "فيكونُ هذا الحرفُ مِنْ لاتَ يَليت، ووَلَتَ يَلِتَ، وأَلِتَ يَأْلَت، وأَلَت، وأَلات يُليت. وكلُّها بمعنى نَقَص. ويقال: أَلَتَ بمعنى غَلَّط. وقام رجلٌ إلى عمر يَعِظُه فقال له رجل: لا تَأْلِتْ أميرَ المؤمنين أي: لا تُغْلِظْ عليه". قلت: ويجوزُ أَنْ يكونَ هذا الأثرُ على حالِه، والمعنى: لا تُنْقِصْ أميرَ المؤمنين حَقَّه، لأنه إذا أَغْلَظَ له القولَ نَقَصَه حَقَّه.
قوله: ﴿ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ﴾ "مِنْ شيءٍ" مفعولٌ ثانٍ لـ"أَلَتْناهم" و "مِنْ" مزيدةٌ فيه. والأُولى في محلِّ نصبٍ على الحال مِنْ "شيء" لأنَّها في الأصلِ صفةٌ له، فلَمَّا قُدِّمَتْ نُصِبَتْ حالاً. وجَوَّزَ أبو البقاء أَنْ يتعلَّقَ بـ"أَلَتْناهم" وليس بظاهرٍ. وفي الضمير في "ألَلَتْناهم" وجهان، أظهرهما: أنَّه عائدٌ على المؤمنين. والثاني: أنَّه عائد على أبناءهم. وقيل: ويُقَوِّيه قولُه: ﴿كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ﴾.
* ﴿ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ ﴾
قوله: ﴿يَتَنَازَعُونَ﴾: في موضع نصبٍ على الحال مِنْ مفعول "أَمَدَدْناهم"، ويجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً. وتقدَّم الخلافُ في قولِه: ﴿لاَّ لَغْوٌ فِيهَا﴾ في البقرة. والجملةُ في موضع نصبٍ صفةً لـ"كأس" وقوله: "فيها" أي: في شُرْبِها.
* ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ﴾
والجملة مِنْ قولِه ﴿كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ﴾ صفةٌ ثانية لغِلمان.
(١٣/١٩٩)
---