قوله: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ﴾: يجوز أَنْ تكونَ هذه الهاءُ للرسول، وهو الظاهرُ، فيكونَ المفعولُ الثاني محذوفاً أي: عَلَّم الرسولَ الوحيَ أي: المُوْحى، وأن تكونَ للقرآن والوحيِ، فيكونَ المفعولُ الأولُ محذوفاً أي: عَلَّمه الرسولَ. وشديدُ القُوى: قيل: جبريلُ وهو الظاهرُ. وقيل: الباري تعالى لقوله: ﴿الرَّحْمَانُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ وشديدُ القُوى: من إضافة الصفةِ المشبهة لمرفوعِها فهي غيرُ حقيقية.
* ﴿ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾
قوله: ﴿مِرَّةٍ﴾: المِرَّةُ: القوةُ والشدةُ. ومنه "أَمْرَرْتُ الحَبْلَ" إذا أَحْكَمْتَ فَتْلَه، والمَرِير: الحَبْلُ، وكذلك المَمَرُّ، كأنه كُرِّر فَتْلُه مرةً بعد أخرى. وقال قطرب: "العربُ تقول لكلِّ جَزْلِ الرأي حصيفِ العقلِ: ذو مِرَّة" وأنشد:
٤١٢٤ - وإني لَذو مِرَّةٍ مُرَّةٍ * إذا رَكِبَتْ خالةٌ خالَها
* ﴿ وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ﴾
قوله: ﴿وَهُوَ بِالأُفُقِ﴾: فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأٌ، و "بالأفق" خبرُه، والضميرُ لِجبريلَ أو للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثم في هذه الجملةِ وجهان، أحدُهما: أنَّ هذه الجملةَ حالٌ مِنْ فاعل "استوى" قاله مكي. والثاني: أنها مستأنفةٌ أخبر تعالى بذلك. والثاني: أنَّ "هو" معطوفٌ على الضميرِ المستترِ في "استوى". وضميرُ "استوى" و "هو": إمَّا أن يكونا لله تعالى، وهو قولُ الحسنِ. وقيل: ضميرُ "استوى" لجبريل و "هو" لمحمد عليه السلام. وقيل: بالعكس. وهذا الوجهُ الثاني إنما يتمشَّى على قول الكوفيين؛ لأن فيه العطفَ على الضمير المرفوع المتصل مِنْ غيرِ تأكيدٍ ولا فاصلٍ. وهذا الوجهُ منقولٌ عن الفراء والطبريُّ.
* ﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾
قوله: ﴿فَتَدَلَّى﴾: التدلِّي: الامتداد من عُلُوٍّ إلى سُفْل، فَيُستعمل في القُرْب من العلوِّ، قاله الفراء وابن الأعرابي. وقال الهُذلي:
(١٣/٢٠٧)
---