والقَوْسُ معروفةٌ، وهي مؤنثةٌ، وشَذُّوا في تصغيرِها فقالوا: قُوَيْس من غيرِ تأنيثٍ كعُرَيْبٍ وحُرَيْبٍ، ويُجْمع على قِسِيّ، وهو مَقْلوب مِنْ قُوُوْس، ولتصريفِه موضعٌ آخر. /
قوله: ﴿أَوْ أَدْنَى﴾ هي كقوله: ﴿أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ لأنَّ المعنى: فكان بأحدِ هذين المقدارَيْنِ في رَأْيِ الرائي، أي: لتقارُبِ ما بينهما يَشُكُّ الرائي في ذلك. وأَدْنى أفعلُ تفضيلٍ، والمفضَّلُ عليه محذوفٌ أي: أو أدنى مِن قاب قوسين.
* ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى ﴾
قوله: ﴿فَأَوْحَى﴾: أي اللَّه، وإنْ لم يَجْرِ له ذِكْرٌ لعدم اللَّبْس. وقوله: "ما أَوْحى" أُبْهِم تعظيماً له ورَفْعاً مِنْ شأنِه، وبه استدلَّ جمال الدين ابن مالك على أنه لا يُشْتَرَطُ في الصلة أَنْ تكونَ معهودة عند المخاطبِ. ومثلُه ﴿فَغَشِيَهُمْ مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾، إلاَّ أنَّ هذا الشرطَ هو المشهورُ عند النَّحْوِيين.
* ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾
قوله: ﴿مَا كَذَبَ﴾: قرأ هشامٌ بتشديدِ الدال. ولاباقون بتخفيفها. فأمَّا [القراءةُ] الأولى فإنَّ معناها أنَّ ما رآه محمدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم بعينِه صَدَّقه قلبُه، ولم يُنْكِرْه أي: لم يَقُلْ له: لم أَعْرِفْك و "ما" مفعولٌ به موصولةٌ، والعائدُ محذوفٌ. ففاعِلُ "رأى" ضميرٌ يعودُ على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. وأمَّا قراءةُ التخفيفِ فقيل فيها كذلك. و "كذَبَ" يتعدى بنفسِه. وقيل: هو على إسقاطِ الخافضِ: أي: فيما رآه، قاله مكي وغيرُه. وجوَّز في "ما" وجهين، أحدُهما: أَنْ يكونَ بمعنى الذي. والثاني: أَنْ تكونَ مصدريةً، ويجوزُ أَنْ يكونَ فاعلُ "رأى" ضميراً يعودُ على الفؤادِ أي: لم يَشُكَّ قلبُه فيما رآه بعينِه.
(١٣/٢٠٩)
---