قوله: ﴿وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً من فاعلِ "يَتَّبعون" أي: يَتَّبعون الظنَّ وهَوَى النفس في حالِ تنافي ذلك وهي مجيْيُ الهدى مِنْ عند ربِّهم. ويجوزُ أَنْ يكونَ اعتراضاً فإنَّ قولَه: "أم للإِنسان" متصلٌ بقولِه: ﴿وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ﴾ وهي أم المنقطعةُ فتتقدَّر بـ بل والهمزةِ على الصحيح. قال الزمخشري: "ومعنى الهمزةِ فيها الإِنكارُ أي: ليس للإنسانِ ما تَمَنَّى".
* ﴿ وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَى ﴾
قوله: ﴿وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ﴾: كم هنا خبريةٌ تفيد التكثيرَ، ومحلُّها الرفعُ على الابتداءِ. "ولا تُغْني شفاعتُهم" هو الخبرُ. والعامَّةُ على إفراد الشفاعة وجُمِعَ الضميرِ اعتباراً بمعنى مَلَكَ وبمعنى "كم". وزيد بن علي "شفاعتُه" بإفرادها اعتبر لفظ "كم"، و "مَلَكَ". وابن مقسم "شفاعاتُهم" بجمعها. و "شيئاً" مصدرٌ أي: شيئاً من الإِغناء.
* ﴿ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ﴾
قوله: ﴿وَمَا لَهُم بِهِ﴾: أي: بما يقولون أو بذلك وقال مكي: "الهاءُ تعود على الاسمِ لأنَّ التسميةَ والاسمَ بمعنى" وقرأ أُبي "بها" أي: بالملائكة أو بالتسمية، وهذا يُقَوِّي قولَ مكي.
* ﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ﴾
(١٣/٢١٧)
---