وأمَّا "ذلك الكتاب" فيجوز في "ذلك" أن يكون مبتدأ ثانياً والكتابُ خبرُه، والجملةُ خبرُ "ألم"، وأغنى الربطُ باسمِ الإشارة، ويجوز أن يكونَ "الم" مبتدأً و "ذلك" خبره و "الكتاب" صفةٌ لـ "ذلك" أو بدلٌ منه أو عطفُ بيان، وأن يكونَ "ألم" مبتدأً و "ذلك" مبتدأ ثان، و "الكتاب": إما صفةٌ له أو بدلٌ منه أو عطفُ بيان له. ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ خبرٌ عن المبتدأ الثاني، وهو وخبرهُ خبرٌ عن الأول، ويجوز أن يكونَ "ألم" خبرَ مبتدأ مضمرٍ، تقديرُه: هذه ألم، فتكونُ جملةً مستقلةً بنفسها، ويكونُ "ذلك" مبتدأ ثانياً، و "الكتابُ" خبرُه، ويجوز أن يكون صفةً له أو بدلاً أو بياناً و ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ هو الخبرُ عن "ذلك"، أو يكون "الكتابُ" خبراً لـ "ذلك" و ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ خبرٌ ثانٍ، وفيه نظرٌ من حيث إنه تعدَّد الخبرُ وأحدُهما جملةٌ، لكنَّ الظاهرَ جوازُه كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ إذا قيل إنَّ "تَسْعَى" خبرٌ، وأمَّا إن جُعِل صفةً فلا.
وقوله: ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ يجوز أن يكونَ خبراً كما تقدَّم بيانُه، ويجوز أَنْ تكونَ هذه الجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحال، والعاملُ فيه معنى الإشارة، و "لا" نافيةٌ للجنس محمولةٌ في العمل على نقيضتها "إنَّ"، واسمُها معربٌ ومبنيٌّ، فيُبْنَى إذا كان مفرداً نكرةً على ما كان يُنْصَبُ به، وسببُ بنائِه تضمُّنُهُ معنى الحرفِ، وهو "مِنْ" الاستغراقية يدلُّ على ذلك ظهورُها في قول الشاعر:
٩٤- فقام يَذُوْذُ الناسَ عنها بسيفِه * فقال: ألا لا مِن سبيلٍ إلى هندِ
وقيل: بُني لتركُّبِه معها تركيبَ خمسةَ عشرَ وهو فاسدٌ، وبيانُه في غير هذا الكتابِ.
وزعم الزجاج أنَّ حركةَ "لا رجلَ" ونحوِه حركةُ إعراب، وإنما حُذِف التنوين تخفيفاً، ويدل على ذلك الرجوعُ إلى هذا الأصلِ في الضرورةِ، كقوله:
٩٥- ألا رجلاً جزاه اللهُ خيراً * يَدُلُّ على مُحَصِّلَةٍ تَبيتُ
(١/٥٣)
---