قوله: ﴿مُزْدَجَرٌ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ فاعِلاً بـ"فيه"؛ لأنَّ "فيه" وقع صلةً، وأَنْ يكونَ مبتدأ، و "فيه" الخبرُ. والدال بدلٌ مِنْ تاءِ الافتعال. وقد تقدَّم أنَّ تاءَ الافتعال تُقْلَبُ دالاً بعد الزاي والدال والذال؛ لأنَّ الزايَ حرفٌ مجهورٌ، والتاءَ حرفٌ مهموسٌ، فأبدلوها إلى حرفٍ مجهورٍ قريبٍ من التاءِ، وهو الدالُ. ومُزْدَجَر هنا اسمُ مصدرٍ، أي: ازْدِجار، أو اسمُ مكانٍ، أي: موضعَ ازْدِجار. وقُرِىء "مُزَّجَر" بقَلْبِ تاءٍ الافتعال زاياً ثم أُدْغِمَ. وزيد بن علي "مُزْجِر" اسمَ فاعلٍ من أَزْجر، أي: صار ذا زَجْر كأَعْشَبَ، أي: صار ذا عُشْبٍ.
* ﴿ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ﴾
قوله: ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ﴾: فيه وجهان، أحدُهما: أنَّه بدلٌ من "ما فيه مُزْدَجر" كأنه قيل: ولقد جاءَهُمْ حكمةٌ بالغة من الأنباء، وحينئذٍ يكونُ بدلَ كلٍ مِنْ كلٍ، أو بدلَ اشتمال. الثاني: أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هو حكمةٌ، أي: ذلك الذي جاءهم. وقد تقدَّم أنه يجوزُ على قراءةِ أبي جعفرٍ وزيدٍ أَنْ يكونَ خبراً لـ"كلُّ أمرٍ مستقرٍ". وقُرِىء "حكمةً" بالنصب حالاً مِنْ "ما" قال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: إن كانَتْ "ما" موصولةً ساغ لك أَنْ تَنْصِبَ "حكمةً" حالاً، فكيف تعمل إنْ كانت موصوفةً وهو الظاهرُ؟ قلت: تَخَصُّصُها بالصفةِ فيَحْسُنُ نَصْبُ الحالِ عنها" انتهى. وهو سؤال واضحٌ جداً.
قولَه: ﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ يجوزُ في "ما" أَنْ تكونَ استفهاميةً، وتكون في محلِّ نصبٍ مفعولاً مقدماً، أي: أيُّ شيءٍ تُغْني النذرُ؟ وأن تكون نافيةً، أي: لم تُغْنِ النذرُ شيئاً. والنُّذُرُ: جمعُ نذيرٍ المرادِ به المصدرُ أو اسمُ الفاعل، كما تقدَّم في آخر النجم.
(١٣/٢٣٧)
---


الصفحة التالية
Icon