قوله: ﴿نُّكُرٍ﴾ العامَّةُ على ضمِّ الكاف وهو صفةٌ على فُعُل، وفُعُل في الصفات عزيزٌ، منه: أمرٌ نُكُرٌ، ورجلٌ شُلُل، وناقةٌ أُجُد، وروضةٌ أُنُفٌ، ومِشْيَةٌ سُجُحٌ. وابن كثير بسكونِ الكافِ فيُحتمل أَنْ يكونَ أصلاً، وأَنْ يكونَ مخفَّفاً مِنْ قراءةِ الجماعةِ. وقد تقدَّم لك هذا محرَّراً في اليُسْر والعُسْر في المائدة. وسُمِّي الشيءُ الشديدُ نُكُراً لأن النفوس تُنْكِره قال مالك بن عوف:
٤١٤٨ - اقْدُمْ مَحاجِ إنه يومٌ نُكُرْ * مِثْلي على مِثْلِك يَحْمي ويَكُرّْ
وقرأ زيدُ بنُ علي والجحدري وأبو قلابة "نُكِرَ" فعلاً ماضياً مبنياً للمفعولِ؛ لأنَّ "نَكِرَ" يتعدى قال: ﴿نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ﴾.
* ﴿ خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ * مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَاذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾
قوله: ﴿خُشَّعاً﴾: قرأ أبو عمر والأخَوان "خاشِعاً" وباقي السبعة "خُشَّعاً". فالقراءةُ الأولى جاريةٌ على اللغةِ الفُصْحى مِنْ حيث إن الفعلَ وما جرى مَجْراه إذا قُدِّمَ على الفعلِ وُحِّد. تقول: تَخْشَع أبصارُهم ولا تقولُ: تَخْشَعْن أبصارُهم، وأنشدوا قولَ الشاعر:
٤١٤٩ - وشَبابٍ حَسَنٍ أَوْجُهُهُمْ * مِنْ إيادِ بنِ نزارِ بنِ مَعَدّْ
وقال آخر:
٤١٥٠ - يَرْمي الفِجاجَ بها الرُّكبانُ معْتَرِضاً * أعناقَ بُزَّلِها مُرْخى لها الجُدُلُ
وأمَّا الثانيةُ فجاءَتْ على لغة طَيِّىء يقولون: أكلوني البراغيث. وقد تقدَّم القولُ في هذا مشبعاً في المائدة والأنبياء. ومثلُه قولُ الآخر:
٤١٥١ - بمُطَّرِدٍ لَدْنٍ صِحاح كُعُوبُه * وذي رَوْنَقٍ عَضْبٍ يَقُدُّ القَوانِسا
(١٣/٢٣٩)
---