وقيل: وجمعُ التكسير في اللغة في مثل هذا أكثرُ من الإِفراد. وقرأ أُبَيٌّ وعبد الله "خاشعةً" على تَخْشَعُ هي. وقال الزمخشري: "وخُشَّعاً على: تخشَعْن أبصارهم، وهي لغةُ مَنْ يقول: أكلوني البراغيث وهم طيىء"، قال الشيخ: "ولا يَجْري جمعُ التكسيرِ مَجْرى جمعِ السلامةِ، فيكون على تلك اللغةِ النادرِ القليلةِ. وقد نَصَّ سيبويه على أنَّ جمعَ التكسيرِ في كلام العربِ أكثرُ، فكيف يكونُ أكثرَ، ويكون على تلك اللغةِ النادرةِ القليلة؟ وكذا قال الفراء حين ذكر الإِفراد مذكراً ومؤنثاً وجمعَ التكسيرِ، قال: "لأنَّ الصفةَ متى تَقَدَّمَتْ على الجماعة جاز فيها جميعُ ذلك، والجمعُ موافِقٌ لِلَفْظِها فكان أشبهَ" قال الشيخ: "وإما يُخَرَّجُ على تلك اللغةِ إذا كان الجمعُ جَمْعَ سلامةٍ نحو: "مَرَرْتُ بقومٍ كريمين آباؤُهم" والزمخشريُّ قاسَ جَمْعَ التكسيرِ على جَمْعِ السلامةِ وهو قياسٌ فاسدٌ يَرُدُّه النَّقْلُ عن العربِ: أنَّ جَمْعَ التكسيرِ أجودُ من الإِفرادِ، كما ذكره سيبويهِ، ودَلَّ عليه كلامُ الفراء". قلت: قد خَرَّج الناسُ قولَ امرىء القيس:
٤١٥٢ - وُقوفاً بها صَحْبي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ * يقولون: لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَمَّلِ
على أنَّ "صحبي" فاعل بـ"وقوفاً" وهو جمعُ واقِف في أحدِ القولين في "وقوفاً. وفي انتصابِ خاشعاً وخُشَّعاً وخاشعةً أوجهٌ، أحدُها: أنه مفعولٌ به وناصبُه "يَدْعُ الداعِ وهو في الحقيقةِ لموصوفٍ فاعل "يَخْرُجون" المتأخرِ عنه. ولَمَّا كان العاملُ متصرِّفاً جاز تقدُّمُ الحالِ عليه، وهو رَدٌّ على الجرميِّ حيث زعم أنه لا يجوزُ. ورُدَّ عليه أيضاً بقول العرب: "شَتَّى تَؤُوب الحَلَبَة"، فـ"شتى" حالٌ من "الحلَبَة" وقال الشاعر:
٤١٥٣ - سَريعاً يهون الصَّعْبُ عند أُولي النُّهى * إذا برجاءٍ صادقٍ قابلوا البأسا
(١٣/٢٤٠)
---