قوله: ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ﴾ قال أبو البقاء: "حالٌ من الضمير في "مُهْطعين". وفيه نظرٌ من حيث خلوُّ الجملةِ مِنْ رابطٍ يَرْبُطُها بذي الحال. وقد يُجابُ عنه: بأنَّ "الكافرون" هم الضميرُ في المعنى، فيكونُ من باب الربطِ بالاسمِ الظاهر عند مَنْ يرى ذلك، كأنه قيل: يقولون هذا. وإنما أَبْرزهم تشنيعاً عليهم بهذه الصفةِ القبيحةِ.
* ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ﴾
قوله: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾: مفعولُه محذوفٌ، أي: كَذَّبَتِ الرسلَ؛ لأنهم لَمَّا كذَّبوا نوحاً عليه السلام فقد كَذَّبوا جميعَ الرسل. ولا يجوزُ أَنْ تكونَ المسألةُ من باب التنازع؛ إذ لو كان منه لكان التقدير: كَذَّبَتْ قبلَهم قومُ نوحٍ عبدَنا فكذَّبوه، ولو لُفِظ بهذا لكان تأكيداً، إذ لم يُفِدْ غيرَ الأولِ. وشرطِّ التنازعِ أَنْ لا يكونَ الثاني تأكيداً، لذلك منعوا أَنْ يكونَ قولُه:
٤١٧٥ -............................. * أتاكِ أتاكِ اللاحقون احْبِسِ احبسِ
من ذلك. وفي كلامِ الزمخشريِّ ما يُجَوِّزُه فإنه أخرجه عن التأكيدِ فقال: "فإنْ قلتَ ما معنى قولِه "فكذَّبوا" بعد قولِه "كَذَّبَتْ"؟ قلت: معناه كذَّبوا فكذَّبوا عبَدنا أي: كذَّبوه تكذيباً عَقِبَ تكذيبٍ كلما مضى منهم قَرَنٌ مُكَذِّبٌ تَبِعه قرنٌ مكذبٌ" فهذا معنى حسن يسوغُ معه التنازعُ. و "مجنون" خبرُ ابتداءٍ مضمر أي: هو مجنون. والدالُ في "ازْدُجِر" بدلٌ مِنْ تاء كما تَقَدَّم. وهل هو مِنْ مَقولِهم، أي: قالوا: إنه ازْدُجِرَ، أي: ازْدَجَرَتَهُ الجنُّ، وذهبَتْ بلُبِّه، قاله مجاهد، أو هو مِنْ كلام الله تعالى، أخبر عنه: بأنه انْتُهِر وزُجِرَ بالسبِّ وأنواع الأذى.
* ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ ﴾
(١٣/٢٤٢)
---


الصفحة التالية
Icon