قوله: ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ﴾: العامَّةُ على فتح الهمزة، أي: دعاه بأني مغلوبٌ وجاء هذا على حكاية المعنى ولو جاء على حكاية اللفظِ لقال: إنه مغلوبٌ، وهما جائزان. وقرأ ابنُ أبي إسحاق والأعمشُ ورُويت عن عاصمٍ بالكسر: إمَّا على إضمارِ القولِ، أي: فقالن فَسَّر به الدعاءَ، وهو مذهبُ البصريين، وإمَّا إجراءً للدعاءِ مُجْرى القولِ وهو مذهبُ الكوفيين. وقد تقدَّم الخلاف في "فَتَحْنا" في الأنعام ولله الحمد.
* ﴿ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ ﴾
قوله: ﴿مُّنْهَمِرٍ﴾: المنهمر: الغزيرُ النازلُ بقوة. وأُنشد:
٤١٥٨ - راحَ تَمْرِيْه الصَّبا ثم انتحى * فيه شُؤْبُوْبُ جَنوبٍ مُنْهَمِرْ
واسْتُعير ذلك في قولهم: هَمَر الرجلُ في كلامِه، وفلانٌ يُهامِر الشيءَ، أي: يَجْرُفُهُ، وهَمَرَه مِنْ ماله: أعطاه بكثرةٍ.
وفي الباء في "بماء" وجهان، أظهرهما: أنها للتعدية ويكونُ ذلك على المبالغة في أنه جَعَلَ الماءَ كالآلةِ المُفْتتحِ بها كما تقول: فَتَحْتُ بالمفتاح. والثاني: أنها الحال، أي: فَتَحْنا ملتبسةً بهذا الماء. وقرأ عبدالله وأبو حيوة وعاصم في رواية "وفَجَرْنا" مخففاً، والباقون مثقلاً.
* ﴿ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى المَآءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾
قوله: ﴿عُيُوناً﴾: فيه أوجهٌ، أشهرها: أنه تمييزٌ، أي: فَجَّرْنا عيونَ الأرض فنَقله من المفعوليةِ إلى التمييز، كما يُنقل من الفاعلية.
(١٣/٢٤٣)
---


الصفحة التالية
Icon