و "لِوَقْعَتِها" خبرٌ مقدمٌ و "كاذبة" اسم مؤخرٌ. و "كاذبة" يجوزُ أَنْ يكونَ اسم فاعل وهو الظاهرُ، وهو صفةٌ لمحذوف، فقَدَّره الزمخشريُّ: "نفسٌ كاذبةٌ، أي: إنه ذلك اليومَ لا يَكْذِبُ على الله أحدٌ، ولا يُكَذِّبُ بيوم القيامةِ أحد" ثم قال: "واللامُ مثلُها في قولِه ﴿قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ إذ ليس لها نفسُ تُكَذِّبها وتقول: لم تكوني كما لها نفوسٌ كثيرةٌ يُكّذِّبْنَها اليومَ يَقُلْنَ لها: لم تكونين أو هو مِنْ قولهم: كَذَّبَتْ فلاناً نفسُه في الخطر العظيم إذا شَجَّعَتْهُ على مباشرته وقالَتْ له: إنَّك تُطيقه وما فوقه فَتَعَرَّضْ له، ولا تبال به على معنى أنها وقعةٌ لا تُطاقُ شدةً وفظاعةً، وأنْ لا نفس حينئذٍ تُحدِّث صاحبَها بما تُحَدِّثه به عند عظائمِ الأمورِ، وتزيِّن له احتمالها وإطاقتها؛ لأنهم يومئذٍ أضعفُ مِنْ ذلكَ وأَذلُّ. ألا ترى إلى قولِه تعالى ﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ والفَراشُ مَثَلٌ في الضعف". وقَدَّره ابن عطية: "حالٌ كاذبةٌ" قال: "وَيْحتمل الكلامُ على هذا معنيين، أحدهما: كاذبة، أي: مكذوبة فيما أَخْبر به عنها فسَمَّاها كاذبةً لهذا، كما تقول: هذه قصةٌ كاذبةٌ، أي: مكذوبٌ فيها. والثاني:
أي: / لا يَمْضي وقوعُها كقولك: فلانٌ إذا حَلَّ لم يكذِبْ. والثاني: أن كاذبة مصدرٌ بمعنى التكذيب نحو: خائنة الأعين. قال الزمخشري: "مِنْ قولِك حَمَلَ فلانٌ على قرْنِه فما كَذَبَ، أي: فما جَبُنَ ولا تَثَبَّط. وحقيقتهُ فما كَذَّب نفسَه فيما حَدَّثَتْه به من إطاقتِه له وإقدامهِ عليه وأنشد لزهير:
٤٢٠٠ - لَيْثٌ بعَثَّر يَصْطادُ الرجالُ إذا * ما الليثُ كَذَّب عن أقرانِه صَدَقا
أي: إذا وَقَعَتْ لم يكن لها رَجْعَةٌ ولا ارْتدادٌ"، انتهى. وهو كلامٌ حسنٌ جداً.
(١٣/٢٨٩)
---