الثاني: أنَّ اللامَ تتعلَّقُ بـ"تحرير". وفي الكلامَ تقديرُ وتأخيرٌ. والتقدير: والذين يُظاهرون مِنْ نِسائِهم فعليهم تحريرُ رقبةٍ؛ لِما نَطقوا به من الظِّهار ثم يعودُون للوَطْءِ بعد ذلك. وهذا ما نقله مكيٌّ وغيرُه عن أبي الحسن الأخفش. قال الشيخ: "وليس بشيءٍ لأنه يُفْسِدُ نَظْمَ الآية". وفيه نظرٌ. لا نُسَلِّم فسادَ النظمِ مع دلالةِ المعنى على التقديمِ والتأخير، ولكنْ نُسَلِّم أنَّ ادعاءَ التقديمِ والتأخيرِ لا حاجةَ إليه؛ لأنه خلافُ الأصل.
الثالث: أن اللامَ بمعنى "إلى". الرابع: أنها بمعنى "في" نَقَلهما أبو البقاء، وهما ضعيفان جداً، ومع ذلك فهي متعلِّقَةٌ بـ"يَعُودون". الخامس: أنها متعلِّقةٌ بـ"يقولون". قال مكي: "وقال قتادةُ: ثم يعودونِ لِما قالوا من التحريمِ فيُحِلُّونه، فاللامُ على هذا تتعلَّقُ بـ"يقولون". قلتُ: ولا أدري ما هذا الذي قاله مكي، وكيف فَهم تعلُّقَها بـ"يقولون" على تفسيرِ قتادةَ، بل تفسيرُ قتادةَ نصٌّ في تعلُّقِها بـ"يَعودون"، وليس لتعلُّقِها بـ"يقولون" وجهٌ.
* ﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
قوله: ﴿فَصِيَامُ﴾ و "فإِطعامُ" كقولِه: ﴿فَتَحْرِيرُ﴾ في ثلاثة الأوجهِ المتقدمةِ. و "مِنْ قبلِ" متعلِّقٌ بالفعل أو الاستقرارِ المتقدِّمِ أي: فيلزَمُه تحريرُ أو صيام، أو فعليه كذا مِنْ قبلِ تَماسِّهما. والضميرُ في "يتماسَّا" للمُظاهِرِ والمُظاهَرِ منها لدلالةِ ما تقدَّم عليهما.
* ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوااْ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾
(١٣/٣٤٩)
---