السادس: أنَّه مصنوبٌ على المفعولِ معه، أي: مع الإِيمان معاً، قاله ابن عطية، وقال: "وبهذا الاقترانِ يَصِحُّ معنى قولِه "مِنْ قبلهم فتأمَّلْه" قلت: وقد شَرَطوا في المفعول معه أنَّه يجوز عَطْفُه على م قبلَه حتى جَعَلوا قولَه ﴿فَأَجْمِعُوااْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ﴾ مِنْ بابِ إضمار الفعل لأنَّه لا يُقال: أجمعتُ شركائي إنما يقال جَمَعْتُ، وقد تقدَّم القولُ في ذلك - ولله الحمد - مشبعاً.
قوله: ﴿حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ﴾ فيه وجهان، أحدُهما: أنَّ الحاجةَ هنا على بابِها من الاحتياج، إلاَّ أنها واقعةٌ مَوْقعَ المحتاجِ إليه، والمعنَى: ولا يجدون طَلَبَ محتاجٍ إليه ممَّا أُوْتي المهاجرون من الفيء وغيِه، والمُحتاج إليه يُسَمَّى حاجةً تقول: خُذْ منه حاجتَك، وأعطاه مِنْ مالِه حاجتَه، قاله الزمشخري. فعلى هذا يكون الضميرُ الأول للجائين مِنْ بعدِ المهاجرين، وفي "أُوْتوا" للمهاجرين. والثاني: أنَّ الحاجةَ هنا مِنْ الحَسَدِ، قاله بعضُهم، والضميران على ما تقدَّم قبل. وقال أبو البقاء: مَسَّ حاجةٍ، أي: إنه حُذِف المضافُ للعلم به، وعلى هذا فالضميران للذين تبوَّؤوا الدارَ والإِيمان.
قوله: ﴿وَلَوْ كَانَ بِهِمْ﴾ واوُ الحال وقد تقدَّم الكلامُ عليها.
والخَصاصَةُ: الحاجةُ، وأصلُها مِنْ خَصاصِ البيت، وهي فُروجهُ، وحالُ الفقير يتخَلَّلُها النَّقْصُ، فاسْتُعير لها ذلك.
قوله: ﴿وَمَن يُوقَ﴾ العامَّةُ على سكون الواو وتخفيفِ القافِ مِنْ الوِقاية. وابنُ أبي عبلة وأبو حيوة بفتحِ الواو وشدِّ القافِ. والعامَّةُ بضمِّ الشينِ مِنْ "شُحَّ" وابنُ أبي عبلة وابنُ عمر بكسرها.
* ﴿ وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾
(١٣/٣٦٥)
---