قوله: ﴿وَالَّذِينَ جَآءُوا﴾: يحتمل الوجهَيْن المتقدمَيْن في "الذين" قبلَه، فإن كان معطوفاً على المهاجرين فـ"يقولون" حالٌ كـ"يُحِبُّون" أو مستأنف، وإنْ كان مبتدأً فـ"يقولون" خبرُه.
* ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾
قوله: ﴿لإِخْوَانِهِمُ﴾: اللامُ هنا للتبليغ فقط بخلافِ قولِه: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ فإنَّها تحتملُ ذلك وتحتمل العلةَ، وقوله: ﴿وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ﴾، أي: في قتالِكم، أو في خِذْلانكم.
وقوله: ﴿وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ﴾ أُجيب القسمُ المقدرُ لأنَّ قبل "إنْ" لاماً موطِّئة حُذِفَتْ للعِلْم بمكانِها، فإنَّ الأكثرَ الإِتيانُ بها. ومثلُه قولُه: ﴿وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ﴾ وقد تقدَّم.
* ﴿ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ﴾
قوله: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ﴾: إلى آخره أُجيب القسمُ لسَبْقِه، ولذلك رُفِعَتِ الأفعالُ ولم تُجْزَمْ، وحُذِفَ جوابُ الشرطِ لدلالةِ جوابِ القسمِ عليه، ولذلك كان فِعلُ الشرطِ ماضياً. وقال أبو البقاء: "قولُه: "لا يَنْصُرُوْنَهم" لَمَّا كان الشرطُ ماضياً تُرِكَ جَزْمُ الجوابِ" انتهى. وهو غَلَطٌ؛ لأنَّ "لا يَنْصُرونهم" ليس جواباً للشرطِ، بل هو جوابٌ للقسم، وجواب الشرطِ محذوفٌ كما تقدَّمَ تقريرُه، وكأنه توهَّم أنه من بابِ قوله:
٤٢٥١ - وإن أتاه خليلٌ يومَ مَسْأَلَةٍ * يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
(١٣/٣٦٦)
---


الصفحة التالية
Icon