قوله: ﴿بِالْمَوَدَّةِ﴾ في الباء ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أن الباءَ مزيدةٌ في المفعولِ به كقولِه: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾. والثاني: أنها غيرُ مزيدةٍ والمفعولُ محذوفٌ، ويكون معنى الباءِ السببَ. كأنه قيل: تُلْقُوْن إليهم أسرارَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأخبارَه بسبب المودةِ التي بينكم. / والثالث: أنها متعلقةٌ بالمصدرِ الدالِّ عليه "تُلْقُون" أي: إلقاؤُهم بالمودَّةِ، نقله الحوفيُّ عن البصريين، وجَعَلَ القولَ بزيادةِ الباءِ قولَ الكوفيين. إلاَّ أن هذا الذي نَقَله عن البصريين لا يُوافقُ أصولَهم؛ إذ يَلْزَمُ منه حَذْفُ المصدرِ وإبقاءُ معموله، وهو لا يجوزُ عندَهم. وأيضاً فإنَّ فيه حَذْفَ الجملةِ برأسِها، فإنَّ "إلقاءَهم" مبتدأ و "بالمودة" متعلقٌ به، والخبرُ أيضاً محذوٌ. وهذا إجحافٌ.
قوله: ﴿وَقَدْ كَفَرُواْ﴾ فيه أوجهٌ: الاستئناف، والحالُ مِنْ فاعِل "تتَّخذوا" والحالُ مِنْ فاعلِ "تُلْقُون" أي: لا تتولَّوْهم ولا توادُّوهم وهذه حالُهم. والعامَّةُ "بما" بالباء، والجحدري وعاصمٌ في روايةٍ "لِما" باللام أي: لأجلِ ما جاءكم، فعلى هذا الشيءِ المكفورِ غيرُ مذكور، تقديره: كفروا باللَّهِ ورسولِه.
قوله: ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً، وأن يكونَ تفسيراً لكُفْرِهم، فلا مَحَلَّ له على هذَيْن، وأَنْ يكونَ حالاً مِنْ فاعل "كفروا".
(١٣/٣٧٥)
---