قوله: ﴿وَإِيَّاكُمْ﴾ عطفٌ على الرسول. وقُدِّم عليهم تَشريفاً له. وقد استَدَلَّ به مَن يُجَوَّزُ انفصالَ الضميرِ مع القدرةِ على اتصالِه، إذ كان يجوز أَنْ يُقال: يُخْرجونكم والرسولَ، فيجوز: ﴿يُخْرجون إياكم والرَّسولَ﴾ في غيرِ القرآنِ وهو ضعيفٌ؛ لأنَّ حالةَ تقديمِ الرسولِ دلالةٌ على شَرَفِه. لا نُسَلِّمُ أنه يُقَدَرُ على اتِّصاله. وقد تقدَّم لك الكلامُ على هذه الآيةِ عند قولِه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ في سورةِ النساء فعليك باعتباره.
قوله: ﴿أَن تُؤْمِنُواْ﴾ مفعولٌ له. ناصبُه: "يُخْرِجون" أي: يُخْرجونكم لإِيمانِكم أو كراهةَ إيمانِكم.
قوله: ﴿إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ﴾ جوابُه محذوفٌ عند الجمهور لتقدُّمِ "لا تتَّخذوا"، ومقدم وهو "لا تتخذوا" عند الكوفيين ومَنْ تابعهم. وقد تقدَّم تحريرُه. وقال الزمخشري: و ﴿إِنْ كَنتُمْ خَرَجْتُمْ﴾ متعلِّقٌ بـ"لا تَتَّخذوا". يعين: لا تتولَّوْا أعدائي إنْ كنتم أوليائي. وقولُ النحويين في مثلِه: هو شرطٌ، جوابُه محذوفٌ لدلالةِ ما قبله عليه" انتهى. يريد أنَّه متعلِّقٌ به من حيث المعنى. وأمَّا من حيث الإِعراب فكما قال جمهورُ النَّحْويين.
قوله: ﴿جِهَاداً... وَابْتِغَآءَ﴾ يجوزُ أَنْ يُنْصَبا على المفعول له أي: خَرَجْتُمْ لأجلِ هذَيْن، أو على المصدرِ بفعلٍ مقدرٍ أي: تُجاهِدون، وتبتَغُون، أو على أنهما في موضع الحال.
(١٣/٣٧٦)
---


الصفحة التالية
Icon