قوله: ﴿تُسِرُّونَ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً، ولم يذكُر الزمخشريُّ غيرَه، وأن يكونَ حالاً ثانية مِنْ ما انتصب عنه "تُلْقُون" حالاً، وأَنْ يكونَ بدلاً مِنْ "تُلْقُون"، قاله ابن عطية. ويُشْبه أَنْ يكونَ بدلَ اشتمالٍ لأنَّ إلقاءَ المودةِ يكون سرّاً وجَهْراً، فَأَبْدَل منه هذا للبيانِ بأيِّ نوعٍ وقع الإِلقاء، وأن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: أنتم تُسِرُّون، قاله ابن عطية، ولا يَخْرجُ عن معنى الاستئناف. وقال أبو البقاء: "هو توكيدٌ لـ"تُلْقُون" بتكريرِ معناه" وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الإِلقاءَ أعمُّ مِنْ أَنْ يكونَ سِرَّاً أو جَهْراً.
وقوله: ﴿بِالْمَوَدَّةِ﴾ الكلامُ في الباء هنا كالكلامِ عليها بعد "تُلْقُون".
قوله: ﴿وَأَنَاْ أَعْلَمُ﴾ هذه الجملةُ حالٌ مِنْ فاعل "تُسِرُّون" أي: وأيُّ طائلٍ لكم في إسْراركم وقد عَلِمتم أن الإِسرارَ والإِعلان سيَّانِ في علمي؟ و "أعلمُ" يجوز أن يكونَ أفعلَ تفضيل وهو الظاهرُ، وأَنْ يكون فعلاً مضارعاً. قال ابن عطية: "وعُدِّي بالباء لأنك تقول: علمتُ بكذا".
قوله: ﴿وَمَن يَفْعَلْهُ﴾ في الضمير وجهان، أظهرهما: أنه يعود على الإِسرار؛ لأنه أقربُ مذكورٍ. والثاني: أنه يعودُ على الاتخاذ، قاله ابنُ عطية.
قوله: ﴿سَوَآءَ السَّبِيلِ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً على الظَّرْفِ إنْ قلنا: "ضَلَّ" قاصرٌ، وأَنْ يكونَ مفعولاً به إنْ قلنا: هو متعدٍّ.
* ﴿ إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوااْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّواءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾
(١٣/٣٧٧)
---


الصفحة التالية
Icon