قوله: ﴿لِيُطْفِئُواْ﴾: في هذه اللامِ أوجهٌ، أحدُها: أنها مزيدةٌ في مفعولِ الإِرادةِ. قال الزمخشريُّ: "أصلُه: يُريدون أَنْ يُطْفِئوا، كما جاء في سورة التوبة. وكأنَّ هذه اللامَ زِيْدَتْ مع فعل الإِرادة توكيداً له لِما فيها من معنى الإِرادة في قولِك: "جِئتُ لأكرمَك" كما زِيْدَت اللامُ في "لا أبالك" تأكيداً لمعنى الإِضافةِ في "لا أباك". وقال ابن عطية: "واللامُ في "لِيُطْفِئوا" لامٌ مؤكِّدة دخلَتْ على المفعول لأنَّ التقديرَ: يُريدون أَنْ يُطْفئوا. وأكثر ما تَلْزَمُ هذه اللامُ المفعولَ إذا تقدَّمَ. تقول: "لزيدٍ ضَرَبْتُ، ولِرؤيتِك قصَدْتُ" انتهى. وهذا ليس مذهبَ سيبويه وجمهورِ الناس. ثم قولُ أبي محمد: "وأكثر ما تَلْزَمُ" إلى آخره ليس بظاهرٍ لأنه لا قولَ بلزومِها البتةَ، بل هي جائزةُ الزيادةِ، وليس الأكثرُ أيضاً زيادتَها جوازاً، بل الأكثرُ عَدَمُها.
الثاني: أنَّها لامُ العلة والمفعولُ محذوفٌ أي: يُريدون إبطالَ القرآنِ أو دَفْعَ الإِسلام أو هلاكَ الرسولِ عليه السلام لِيُطْفِئوا.
الثالث: أنها بمعنى "أَنْ" الناصبةِ، وأنها ناصبةٌ للفعل بنفسِها. قال الفراء: "العربُ تجعلُ لامَ كي في موضع "أَنْ" في أرادَ وأمر" وإليه ذهب الكسائيٌّ أيضاً. وقد تقدَّم لك نحوٌ مِنْ هذا في قوله: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ في سورة النساء.
قوله: ﴿مُتِمُّ نُورِهِ﴾ قرأ الأخَوان وحفص وابن كثير بإضافة "مُتِمُّ" لـ"نورِه" والباقون بتنوينه ونصبِ "نورَه" فالإِضافةُ تخفيفٌ، والتنوينُ هو الأصلُ. والشيخُ ينازعُ في كونِه الأصلَ وقد تقدَّم. وقوله: "واللَّهُ متمُّ" جملةٌ حالية مِنْ فاعلِ "يريدون" أو "يُطفئوا" وقوله: "ولو كَرِه" حالٌ من هذه الحالِ فهما متداخلان. وجوابُ "لو" محذوفٌ أي: أتَمَّه وأظهرَه، وكذلك ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
(١٣/٣٩٢)
---


الصفحة التالية
Icon