* ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُوااْ أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنَّصَارِيا إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيا إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾
قوله: ﴿أَنصَارَ اللَّهِ﴾: قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو "أنصاراً" منوناً، "لله" جارَّاً ومجروراً. والباقون "أنصارَ" غيرَ منونٍ بل مضافاً للجلالة الكريمة، والرسمُ يحتمل القراءتَيْن معاً. واللامُ يُحتمل أَنْ تكونَ مزيدةً في المفعولِ للتقوية لكونِ العاملِ فَرْعاً، إذ الأصلُ: أنصاراً اللَّهَ، وأَنْ تكون غيرَ مزيدةٍ، ويكونَ الجارُّ والمجرورُ نعتاً لـ"أَنْصاراً" والأولُ أظهر. وأمَّا قراءةُ الإِضافةِ ففرعُ الأصل المذكورِ. ويؤيِّدُ قراءةَ الإِضافةِ الإِجماعُ عليها في قوله: ﴿نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ﴾. ولم يُتَصَوَّرْ جَرَيانُ الخلافِ هنا لأنه مرسومٌ بالألفِ.
قوله: ﴿كَمَا قَالَ عِيسَى﴾ فيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّ الكافَ في موضع نصبٍ على إضمارِ القولِ أي: قُلْنا أي: قُلْنا" لهم ذلك، كما قال عيسى. الثاني: أنها نعتٌ لمصدرٍ محذوفِ تقديرُه: كونوا كَوْناً، قاله مكي وفيه نظرٌ؛ إذ لا يُؤْمَرُون بأن يكونوا كَوْناً. الثالث: أنه كلامٌ محمولٌ على معناه دون لفظِه، وإليه نحا الزمخشريُّ، فإنه قال: "فإنْ قلتَ ما وجهُ صحةِ التشبيهِ، وظاهرُه تشبيهُ كونِهم أنصاراً بقولِ عيسى صلوات الله عليه مَنْ أنصاري؟ قلت: التشبيهُ محمولٌ على المعنى، وعليه يَصِحُّ، والمرادُ: كونوا أنصارَ الله كما كان الحواريُّون / أنصارَ عيسى. حين قال لهم: ﴿مَنْ أَنَّصَارِيا إِلَى اللَّهِ﴾.
(١٣/٣٩٦)
---


الصفحة التالية
Icon