قوله ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ﴾ فيه أوجهٌ، أحدها: - وهو الظاهرُ المشهور - أنَّ "مَثَلُ القوم" فاعلُ "بِئْس". والمخصوصُ بالذَّمِّ الموصولُ بعده فَيُشْكِلُ؛ لأنه / لا بُدَّ مِنْ تصادُقِ فاعلِ نِعْم وبِئْسَ والمخصوصِ، وهنا المَثَلُ ليس القومَ المكذِّبين. والجواب: أنَّه على حَذْفِ مضافٍ، أي: بِئْسَ مَثَلُ القومِ مَثَلُ الذين كَذَّبوا. الثاني: أنَّ "الذين" صفةٌ للقوم فيكونُ مجرورَ المحلِّ، والمخصوصً بالذمِّ محذوفٌ لِفَهْمِ المعنى تقديره: بِئْس مَثَلُ القومِ المكذِّبين مَثَلُ هؤلاء، وهو قريبٌ من الأولِ. الثالث: أنَّ الفاعلَ محذوفٌ، وأنَّ مَثَلَ القومِ هو المخصوصُ بالذِّم، تقديرُه: بِئْسَ المَثَلُ مَثَلُ القوم، ويكونُ الموصولُ نعتاً للقوم أيضاً، وإليه يَنْحو كلامُ ابنِ عطيةً، فإنه قال: "والتقديرُ: بِئْسَ المَثَلأُ مَثَلُ القومِ. وهذا فاسدٌ؛ لأنَّه لا يُحْذَفُ الفاعلُ عند البَصْريين، إلاَّ في مواضعَ ثلاثةٍ، ليس هذا منها، اللهم إلاَّ أَنْ يقولَ بقولِ الكوفيين. الرابع: أَنْ يكونَ التمييزُ محذوفاً، والفاعل المُفَسَّرُ به مستترٌ تقديرُه: بئس مَثَلاً مَثَلُ القوم، وإليه يَنْحو كلامُ الزمخشريِّ فإنه قال: "بئْسَ مَثَلاً مَثَلُ القوم" فيكونُ الفاعلُ مستتراً، مُفَسَّرٌ بـ"مَثَلاً"، و "مَثَلُ القومِ" هو المخصوصُ بالذمِّ والموصولُ صفةٌ له، وحُذِفَ التمييزُ، وهذا لا يُجيزه سيبويهِ وأصحابُه البتةَ، نَصُّوا على امتناعِ حَذْفِ التمييزِ، وكيف يُحْذَفُ وهو مُبَيِّنٌ؟
* ﴿ قُلْ ياأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوااْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾
قوله: ﴿أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ﴾: سادٌّ مَسَد المفعولَيْنِ، أو المفعولِ، على الخلافِ. و "لله" متعلِّقٌ بـ"أَوْلياء" أو بمحذوف نعتاً لـ أولياء و ﴿مِن دُونِ النَّاسِ﴾ كذلك.


الصفحة التالية
Icon