وقال ابن عطية: "قرأ أبو جعفر - يعني زيدي بن القعقاع - "آستغفرْتَ" بمَدَّة على الهمزةِ. وهي ألفُ التسوية. وقرأ أيضاً بوَصْلِ الألف دون همز على الخبر، وفي هذا كلِّه ضَعْفٌ؛ لأنه في الأولى أثبت هَمزةَ الوصلِ، وقد أغنتْ عنها همزةُ الاستفهام، وفي الثانية حَذَفَ همزةَ الاستفهام، وهو يُريدها، وهذا ممَّا لا يُسْتعملُ إلاَّ في الشعر". قلت: أمَّا قراءتُه "استغفرْتَ" بوَصْلِ الهمزة فرُوِيَتْ أيضاً عن أبي عمروٍ، إلاَّ أنه هو يضُمُّ ميم "عليهم" عند وَصْلِه الهمزةَ؛ لأن أصلَها الضمُّ، وبو عمرو بكسِرُها على أصلِ التقاء الساكنين. وأمَّا قولُه: "وهذا ممَّا لا يُسْتعمل إلاَّ في شعرٍ" فإنْ أراد بهذا مَدَّ هذه الهمزةِ الاستفهام فليس بصحيح لأنَّه يجوزُ حَذْفُها إجماعاً قبل "أم" نثراً ونَظْماً، وأمَّا دونَ "أم" ففيه خلافٌ، والأخفشُ يُجَوِّزُهُ ويجعلُ منه ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ﴾ وقولَه:
٤٢٦٤ - طَرِبْتُ وما شَوْقاً إلى البيضِ أَطْرَبُ * ولا لَعِباً مني وذو الشَّيْبِ يَلْعَبُ
وقول الآخر:
٤٢٦٥ - أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكرامَ وأَنْ * أُوْرَثَ ذَوْداً شصائصاً نَبْلا
وأمَّأ قبل "أم" فكثير كقولِه:
٤٢٦٦ - لَعَمْرُكَ ما أَدْري وإنْ كنتُ داريا * بسبَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْر أم بثمانٍ
وقد مَرَّتْ هذه المسألةُ مستوفاةً ولله الحمدُ
* ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَاكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ ﴾
(١٤/٣)
---