قوله: ﴿وَاللاَّئِي يَئِسْنَ﴾: قد تقدَّم الخلافُ فيه، وأبو عمروٍ يقرأ هنا "واللايْ يَئِسْنَ" بالإِظهار، وقاعدتُه في مثلِه الإِدغامُ، إلاَّ أنَّ الياء لَمَّا كانَتْ عنده عارضةً لكونِها بدلاً مِنْ همزةٍ، فكأنه لم يجتمعْ مِثلان. وأيضاً فإنَّ سكونَها عارضٌ، فكأنَّ ياء "اللاي" محرَّكةٌ، والحرف ما دام متحركاً لا يُدْغَمُ في غيرِه / وقرأ "يَئِسْنَ" فعلاً ماضياً، وقُرِىء "يَيْئَسْنَ" مضارعاً. و "مِنْ المحيض مِنْ نسائكم" "مِنْ" الولى لابتداءِ الغاية، وهي متعلِّقةٌ بالفعل قبلَها، والثانيةُ للبيان، متعلِّقةً بمحذوف و "اللائي" مبتدأ، و "فعِدَّتُهُنَّ" مبتدأ ثانٍ، "وثلاثةُ أشهر" خبرُه، والجملةُ خبرُ الأولِ، والشرطُ معترضٌ، وجوابُه محذوف. ويجوزُ أَنْ يكونَ "إنِ ارْتَبْتُم" جوابُه ﴿فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ﴾ والجملةُ الشرطيةُ خبرُ المبتدأِ، ومتعلَّقُ الارتيابِ محذوفٌ فقيل: تقديرُه: إنِ ارْتَبْتُمْ في أنها يَئِسَتْ أم لا لإِمكانِ ظهورِ حَمْلٍ. وإن كان انقطع دَمُها. وقيل: إنِ ارتَبْتُمْ في دَمِ البالغاتِ مَبْلَغَ اليأسِ: أهو دَمُ حيضٍ أم استحاضةٍ؟ وإذا كان هذا عِدَّةَ المرتابِ فيها فغيرُ المرتابِ فيها أَوْلَى، وأغربُ ما قيل: إنَّ "إنْ ارتَبْتُمْ" بمعنى تَيَقَّنْتُم فهو من الأضداد.
قوله: ﴿وَاللاَّتِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ مبتدأٌ، خبرُه محذوفٌ. فقدَّروه جملةً كالأولى، أي: فعدَّتُهنَّ ثلاثةُ أشهرٍ أيضاً، والأَوْلَى أن يقدَّرَ مفرداً، أي: فكذلك، أو مِثْلهنَّ ولو قيل: بأنَّه معطوفٌ على "اللائي يَئِسْنَ" عَطْفَ المفرداتِ، وأخبر عن الجميع بقولِه "فعِدَّتُهنَّ" لكان جوهاً حسناً. وأكثرُ ما فيه توسُّطُ الخبرِ بين المبتدأ وما عُطِف عليه، وهذا ظاهرُ قولِ الشيخ: ﴿وَاللاَّتِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ معطوفٌ على قولِه "واللائي يَئِسْن" فإعرابُه مبتدأ كإعراب "واللائي.
(١٤/١٤)
---


الصفحة التالية
Icon