قوله: ﴿رَّسُولاً﴾: فيه أوجهٌ، أحدُها - وإليه ذهب الزجَّاج والفارسي - أنه منصوبٌ بالمصدرِ المنونِ قبلَه؛ لأنه يَنْحَلُّ لحرفٍ مصدري وفعلٍ، كأنه قيل: أن ذَكرَ رسولاً، والمصدرُ المنوَّنُ عاملٌ كقولِه تعالى: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً﴾ وقولِه:
٤٢٧٥ - بضَرْبٍ بالسيوفِ رؤوسَ قَوْمٍ * أَزَلْنا هامَهُنَّ عن المَقيلِ
الثاني: أنَّه جُعِل نفسُ الذِّكْرِ مبالغةً فأُبْدِل منه. الثالث: أنَّه بدلٌ منه على حَذْفِ مضافٍ مِنْ الأول تقديرُه: أنزل ذا ذكرٍ رسولاً. الرابع: كذلك، إلاَّ أنَّ "رسولاً" نعت لذلك المحذوف. الخامس: أنه بدلٌ منه على حَذْفِ مضافٍ مِنْ الثاني، أي: ذِكْراً ذِكْرَ رسول. السادس: أَنْ يكونَ "روسلاً" نعتاً لـ ذِكْراً على حَذْفَ مضاف، أي: ذِكْراً ذا رسولٍ، فـ"ذا رسول" نعتٌ لذِكْر. السابع: أَنْ يكونَ "رسولاً" بمعنى رسالة، فيكونَ "رسولاً" بدلاً صريحاً مِنْ غير تأويل، أو بياناً عند مَنْ يرى جَرَيانه في النكراتِ كالفارسيِّ، إلاَّ أنَّ هذا يُبْعِدُه قولُه: "يَتْلُو عليكم"، لأنَّ الرسالةَ لا تَتْلوا إلاَّ بمجازٍ، الثامن، أَنْ يكونَ "رسولاً" منصوباً بفعلٍ مقدر، أي: أرسل رسولاً لدلالةِ ما تقدَّمَ عليه. التاسع: أَنْ يكونَ منصوباً على الإِعراب، أي: اتبِعوا والزَمُوا رسولاً هذه صفتُه.
(١٤/١٨)
---


الصفحة التالية
Icon