---
وقال الزمخشري بعد كلامٍ ذكرَه: "ثم أنكر ألاَّ يُحيط علماً بالمُضْمَر والمُسَرِّ والمُجْهَرِ مَنْ خلق الأشياء، وحالُه أنه / اللطيفُ الخبيرُ المتوصِّلُ عِلْمُه إلى ما ظَهَر وما بَطَن. ويجوزَ أَنْ يكون "مَنْ خَلَقَ" منصوباً بمعنى: ألا يعلَمُ مَخْلوقَه، وهذه حالُه" ثم قال: "فإنْ قلتَ: قَدَّرْتَ في "ألا يَعْلَمُ" مفعولاً على معنى: ألا يعلمُ ذلك المذكورَ مِمَّا أُضْمِر في القلب وأُظْهِر باللسان مَنْ خلق؟ فهلا جَعَلْتَه مثلَ قولِهم: "هو يُعْطي ويمنع"، وهلا كان المعنى: ألا يكونُ عالماً مَنْ هو خالقٌ لأن الخالقَ لا يَصِحُّ إلاَّ مع العِلْم؟ قلت: أبَتْ ذلك الحالُ التي هي قولُه: ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ لأنَّك لو قلتَ: ألا يكون عالماً مضنْ هو خالقٌ وهو اللطيفُ الخبيرُ لم يكن معنى صحيحاً؛ لأنَّ "ألا يَعْلَمُ" معتمِدٌ على الحالِ والشيءُ لا يُوَقَّتُ بنفسِهِ، فلا يقال: "ألا يعلَمُ وهو عالمٌ، ولكن ألا يعلم كذا، وهو عالمٌ بكلِّ شيءٍ".
* ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾
قوله: ﴿ذَلُولاً﴾: مفعولٌ ثانٍ، أو حالٌ. وذَلول فَعُول للمبالغةِ مِنْ ذَلَّ يَذِلُّ فهو ذالٌّ كقوله: دابَّةٌ ذَلوللٌ بَيِّنَةُ الذَّلِّ بالكسرِ، ورجلٌ ذَلُولٌ بَيِّنُ الذُّلِّ بالضم. وقال ابن عطية: "ذلول فَعُول بمعنى مَفْعول أي: مَذْلولة، فهي كـ رَكوب وحلوب". قال الشيخ: "وليس بمعنى مَفْعول لأنَّ فِعْلَه قاصِرٌ، وإنما يُعَدَّى بالهمزةِ كقوله تعالى: ﴿وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ﴾ يظهر أنَّه خطأٌ. انتهى يعني: حيث استعمل اسمَ المفعولِ تامَّاً مِنْ فِعْلٍ قاصرٍ، وهي مناقشةٌ لفظيةٌ.
(١٤/٤٠)
---