وقوله: ﴿أَن يَخْسِفَ﴾ و "أَنْ يرسلَ" فيه وجهان، أحدُهما: أنهام بدلان مِنْ "مَنْ في السماء" بَدلُ اشتمال، أي: أَمِنْتُمْ خَسْفَه وإرسالَه، كذا قاله أبو البقاء. والثاني: أَنْ يكونَ على حَذْفِ "مِنْ" أي: أَمِنْتُم مِنَ الخَسْفِ والإِرسالِ، والأولُ أظهرُ. وقد تقدَّم أنَّ "نذير" "ونكير" مصدران بمعنى الإِنكار والإِنذار. وأثبت ورش يا "نَذيري" وَقْفاً وحذَفَها وَصْلاً، وحَذَفَها الباقون في الحالَيْن.
* ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَانُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾
قوله: ﴿صَافَّاتٍ﴾: يجوز أَنْ يكونَ حالاً مِن "الطير" وأَنْ يكونَ حالاً مِن ضمير "فوقَهم" إذا جَعَلْناه حالاً فتكونُ متداخِلةً. و "فوقَهم" ظرفٌ لصافَّات على الأولى أو لـ"يَرَوْا".
قوله: ﴿وَيَقْبِضْنَ﴾ عَطَفَ الفعلَ على الاسم لأنَّه بمعناه أي: وقابضاتٍ، فالفعلُ هنا مؤولٌ بالاسمِ عكسَ قولِه: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ﴾ فإن الاسمَ هناك مؤولٌ بالفعلِ. وقد تقدَّم الاعتراضُ على ذلك. وقولُ أبي البقاء: "معطوفٌ على اسم الفاعل، حَمْلاً على المعنى أي: يَصْفِفْنَ ويَقْبِضْنَ أي: صافَّاتٍ وقابَضاتٍ" لا حاجةَ إلى تقديره: يَصْفِفْنَ ويَقْبَضْنَ؛ لأن الموضعَ للاسمِ فلا نُؤَوِّلُه بالفعل. وقال الشيخ: "وعَطَفَ الفعلَ على الاسم / لمَّا كان في معناه، ومثلُه قولُه تعالى: ﴿فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ﴾ عطفٌ الفعلَ على الاسم لمَّا كان المعنى: فاللاتي أغَرْنَ فأَثَرْنَ، ومثلُ هذا العطفِ فصيحٌ وكذاء عكسُه، إلاَّ عند السهيليِّ فإنه قبيحٌ نحو قوله:
٤٢٨٨ - بات يُغَشِّيها بعَضْبٍ باترٍ * يَقْصِدُ في أسْوُقِها وجائِرُ
(١٤/٤٢)
---


الصفحة التالية
Icon