وانظر إلى هذا الرجلِ: كيف أخَذَ كلامَه الذي أَسْلَفْتُه عنه، طَرَّزَ به عبارتَه حرفاً بحرف، ثم أخذ يُنْحي عليه بإساءةِ الأدب، جزاءَ ما لَقَّنه تِلك الكلماتِ الرائعةَ وجعله يقولك إن مطاوِعَ كَبَّ انْكَبَّ لا أكَبَّ وإن الهمزةَ في أكَبَّ للصيرورةِ، أو للدخولِ في الشيء، وبالله لو بَقِي دهرَه غيرَ مُلَقَّنٍ إياها لما قالها أبداً، ثم أخذ يذكُر عن إنسانٍ مع أبي القاسم كالسُّها مع القمر أنَّه غَلَّطه في نصوصِ كتابِ سيبويه، اللَّهُ أعلمُ بصحتِها. [قال الشاعر:]
٤٢٨٩ - وكم مِنْ عائبٍ قولاً صحيحاً * وآفَتُهُ من الفَهْمِ السَّقيمِ
وعلى تقديرِ التسليمِ فالفاضلُ مَنْ عدَّتْ سَقَطاتُه.
وقوله: ﴿أَمَّن يَمْشِي﴾ هو المعادِلُ لـ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً﴾. وقال أبو البقاء: و "أَهْدَى" خبرُ "مَنْ يمشي"، وخبرُ "مَنْ" الثانيةِ محذوفٌ" يعني: أنَّ الأصلَ: أمَّنْ يمشي سويَّاً أَهْدى، ولا حاجة إلى ذلك، لأنَّ قولَه: "أزيدٌ قائمٌ أم عمروٌ" لا يُحتاج فيه من حيث الصناعةُ إلى حَذْفِ الخبرِ، بل تقولُ: هو معطوفٌ على "زيد" عَطْفَ المفرداتِ، ووحَّد الخبرَ لأنَّ "أم" لأحدِ الشيئين.
* ﴿ قُلْ هُوَ الَّذِيا أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾
قوله: ﴿قَلِيلاً﴾: نعتُ مصدرٍ محذوفٍ أو حالٌ من ضميرِ المصدرِ كما هو رَأْيُ سيبويه و "ما" مزدةٌ أي: تَشْكرون قليلاً. والجملةُ من "تَشْكرون" إمَّا مستأنفةٌ، وهو الظاهرُ، وإمَّا حالٌ مقدرةٌ لأنهم حالٌ الجَعْلِ غيرُ شاكرين. والمرادُ بالقِلَّة / العَدَمُ أو حقيقتُها.
* ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَاذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ﴾
(١٤/٤٥)
---