وقوله: ﴿هَآؤُمُ﴾ يطلبُ مفعولاً يتعدَّى إليه بنفسِه، إنْ كان بمعنى خُذْ أو اقْصِدْ، وبـ"إلى" إنْ كان بمعنى تعالَوا. و "اقْرؤُوا" يَطْلُبُه أيضاً فقد تنازَعا في "كتابِيَهْ" وأعملَ الثاني للحَذْفِ من الولِ. وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في سورة الكهفِ وفي غيرِها. والهاءُ في "كتابِيَهْ وحِسابِيَهْ وسُلْطانِيَهْ ومالِيَهْ" للسَّكْت، وكان حقُّها أَنْ تُحْذَفَ وَصْلاً، وتَثْبُتَ وَقْفاً، وإنما أُجْرِيَ الوَصْلُ مُجْرَى الوقفِ، أو وُصِلَ بنيَّة الوقفِ في "كتابِيَهْ وحِسابِيَهْ" اتفاقاً فأَثْبَتَ الهاء، وكذلك في "مالِيه وسُلْطانِيَهْ"، و "ما هِيَهْ" في ﴿الْقَارِعَةُ﴾ عند القُرَّاءِ كلِّهم إلاَّ حمزةَ رحمه الله فإنه حَذَفَ الهاءَ مِنْ هذه الكَلِمِ الثلاثِ وَصْلأاً وأَثْبَتَها وقفاً؛ لأنَّها في الوقفِ يُحْتاج إليها لتحصينِ حركةِ الموقوفِ عليه، وفي الوصلِ يُسْتَغْنَى عنها. فإنْ قيل: فلِمَ لَمْ يَفْعَلْ ذلك ي "كِتَابِيَهْ / وحسابِيَهْ" فالجوابُ: أنه جَمْعٌ بني اللغتين، هذا في القراءاتِ السبعِ. وقرأ ابنُ محيصن بحَذْفِها في الكَلِم كلِّها وَصْلاً ووَقْفاً، إلاَّ في "القارعة"، فإنه لم يَتَحَقَّقْ عنه فيها نَقْلٌ. وقرأ الأعمشُ وابنُ أبي إسحاق بحَذْفِها فيهنَّ وَصْلاً، وإثباتِها وَقْفاً. وابن محيصن يَسَكِّنُ الياءَ في الكَلِمِ المذكورةِ وَصْلاً. والحقُّ أنها قراءةٌ صحيحةٌ أعني ثبوتَ هاءِ السكتِ وَصْلاً، لثبوتِها في خَطِّ المصحفِ الكريمِ، فلا يُلْتَفَتُ إلى قولِ الزهراوي: "إنَّ إثباتَها في الوصلِ لَحْنٌ، لا أعلَمُ أحداً يُجيزه". وقد تقدَّم الكلامُ على هاءِ السكتِ في البقرة. والأنعام بأشبعَ مِنْ هذا فعليك باعتبارِه.
* ﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾
(١٤/٧٥)
---


الصفحة التالية
Icon