وقرأ أُبَيٌّ وعبد الله "سال سالٌ" مثلَ "مال" وتخريجُها: أنَّ الأصلَ "سائلٌ" فحُذِفَتْ عينُ الكلمةِ وهي الهمزةُ، واللامُ محلُّ الإِعرابِ وهذا كما قيل: "هذا شاكٌ" في شائِكِ السِّلاح وقد تقدَّم الكلامُ على مادةِ السؤالِ في أول البقرة، / فعليك باعتبارِه.
والباءُ تتعلَّق بـ"سال" من السَّيَلان تعلُّقَها بـ"سال الماءُ بزيدٍ". وجَعَلَ بعضُهم الباءَ متعلقةً بمصدرٍ دَلَّ عليه فِعْلُ السؤال، كأنه قيل: ما سؤالُهم؟ فقيل: سؤالُهم بعذابٍ، كذا حكاهُ الشيخ عن الإِمام فخر الدين، ولم يَعْتَرِضْه. وهذا عَجَبٌ؛ فإنَّ قولَه أولاً "إنه متعلِّقٌ بمصدرٍ دَلَّ عليه فِعْلُ السؤال" يُنافي تقديرَه بقولِه: "سؤالُهم بعذاب"؛ لأنَّ الباءَ في هذا التركيبِ المقدَّرِ تتعلَّق بمحذوفٍ لأنها خبرُ المبتدأ، لا بالسؤال.
وقال الزمخشري: "وعن قتادةَ: سأل سائلٌ عن عذابِ الله بمَنْ يَنْزِلُ وعلى مَنْ يقعُ؟ فَنَزَلَتْ، و "سأَل" على هذا الوجهِ مُضَمَّنٌ معنى عُنِيَ واهتمَّ".
* ﴿ لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾
قوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾: فيه أوجهٌ، أحدُها: أَنْ يتعلَّقَ بـ"سأل" مضمَّناً معنى "دَعا" كما تقدَّم، أي: دعا لهم بعذابٍ واقع. الثاني: أَنْ يتعلَّقَ بـ"واقعٍ" واللامُ للعلةِ، أي: نازلٌ لأجلِهم. الثالث: أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ صفةً ثانيةً لـ"عذابٍ"، أي: كائنٍ للكافرين. الرابع: أَنْ يكونَ جواباً للسائلِ، فيكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هو للكافرين. الخامس: أَنْ تكونَ اللامُ بمعنى على، أي: واقعٍ على الكافرين، ويؤيِّده قراءةُ أُبَيّ "على الكافرين"، وعلى هذا فهي متعلِّقةٌ بـ"واقعٍ" لا على الوجهِ الذي تقدَّم قبلَه.
(١٤/٨٦)
---