قوله: ﴿فِيهِنَّ﴾: أي: في السمواتِ، والقمرُ إنما هو في سماءٍ واحدةٍ منهنَّ. قيل: هو في السماءِ الدنيا، وإنَّما جازَ ذلك؛ لأن بين السمواتِ ملابَسةً فصَحَّ ذلك. وتقولُ: "زيدٌ في المدينةِ" وإنما هو في زاويةٍ من زواياها.
وقوله: ﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً﴾ يُحتمل أَنْ يكونَ التقديرُ: وجعل الشمسَ فيهِنَّ، كما تقدَّم. والشمس قيل: في الرابعةِ. وقيل: في الخامسةِ. وقيل: في الشتاءِ في الرابعة، وفي الصيف في السابعةِ. واللَّهُ أعلمُ: أيُّ ذلك صحيحٌ.
قوله: ﴿نَبَاتاً﴾: إمَّا أَنْ يكونَ مصدراً لـ أَنْبَتَ على حَذْفِ الزوائِد، ويُسَمَّى اسمَ / مصدرٍ، وإمَّا بـ"نَبَتُّمْ" مقدَّراً: أي: فَنَبَتُّمْ نباتاً فيكونُ منصوباً بالمُطاوِعِ المقدَّرِ. قال الزمخشري: "أو نُصِبَ بـ"أَنْبَتكم" لتضمُّنِه معنى، َبَتُّمْ" قال الشيخ: "ولا أَعْقِلُ معنى هذا الوجهِ الثاني". قلت: هذا الوجهُ هو الذي قدَّمْتُه. وهو أنه منصوبٌ بـ"أَنْبَتكم" على حَذْفِ الزوائد. ومعنى قولِه: "لتضمُّنِه معنى نَبَتُّمْ" أي: إنه مُشتملٌ عليه، غايةُ ما فيه أنه حُذِفت زوائدُه، والإِنباتُ هنا استعارةٌ بليغةٌ.
* ﴿ لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً ﴾
قوله: ﴿سُبُلاً فِجَاجاً﴾ وفي الأنبياء تقدَّم الفِجاجُ لِتَناسُبِ الفواصِلِ هنا. وقد تقدَّم نَحْوٌ مِنْ هذا.
* ﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً ﴾
قوله: ﴿وَوَلَدُهُ﴾: قد تقدَّم خِلافُ القُراء في "وَلَدِه" وتقدَّم أنهما لغتان كبُخْل وبَخَلَ. قال أبو حاتم: يمكن أَنْ يكنَ المضمومُ جمعَ المفتوحِ كخَشَبٍ وخُشْبِ. وأنشد لحسَّانَ رضي الله عنه:
٤٣٤١ - يا بِكرَ آمنةَ المباركَ وِلْدُها * مِنْ وُلْدِ مُحْصَنَةٍ بسَعْدٍ الأَسْعُدِ
* ﴿ وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً ﴾
(١٤/١٠٥)
---


الصفحة التالية
Icon