قوله: ﴿وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ﴾ قرأهما العامَّةُ بغير تنوين. فإن كانا عربيَّيْن فالمنعُ من الصَرْف للعلميَّةِ والوزن، وإن كانا أعجميَّيْن فللعلميَّةِ والعُجْمة. وقرأ الأعمش: "ولا يَغُوْثاً ويَعُوْقاً" مصورفَيْن. قال ابن عطية: "وذلك وهمٌ: لأنَّ التعريفَ لازمٌ ووزنَ الفعل" انتهى.
وليس بوهمٍ لأمرَيْن، أحدهما: أنه صَرَفَهما للتناسُبِ، إذ قبله اسمان منصرفان، وبعده اسمٌ منصرفٌ، كما صُرِفَ "سلاسل". والثاني: أنه جاء على لغةِ مَنْ يَصْرِفُ غيرَ المنصرِف مطلقاً. وهي لغةٌ حكاها الكسائيُّ.
ونقل أبو الفضل الصَّرْفَ فيهما عن الأشهبِ العُقَيْليِّ ثم قال: "جَعَلهما فَعُولاً؛ فلذلك صرفهما، فأمَّا في العامَّة فإنهما صفتان من الغَوْث والعَوْق". قلت: وهذا كلامٌ مُشْكِلٌ. أمَّا قولُه: "فَعُولاً" فليس بصحيحٍ، إذ مادةُ "يغث" و "يعق" مفقودةٌ. وأمَّا قولُه: "صفتان من الغَوْث والعَوْق" فليس في الصفاتِ ولا في الأسماءِ "يَفْعُل" والصحيحُ ما قَدَّمْتُه. وقال الزمخشري: "وهذه قراءةٌ مُشْكِلة؛ لأنهما إنْ كانا عربيَّيْنِ أو أعجميَّيْنِ ففيهما مَنْعُ الصَّرْفِ، ولعله قَصَدَ الازدواجَ فصرَفهما. لمصادفتِه أخواتِهما منصرفاتٍ: وَدَّاً وسُوعاً ونَسْراً". قال الشيخ: "كأنه لم يَطَّلعْ على أنَّ صَرْفَ ما لا ينصرفُ لغةٌ".
* ﴿ وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً ﴾
قوله: ﴿وَقَدْ أَضَلُّواْ﴾: أي الرؤساءُ أو الأصنام، / وجَمَعَهم جَمْعَ العقلاءِ معاملةً لهم معاملةً العقلاء.
(١٤/١٠٧)
---