قوله: ﴿سَفِيهُنَا﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ اسمَ كان، "ويقول" الخبرُ، ولو كان مثلُ هذه الجملةِ غيرَ واقعةٍ خبراً لـ"كان" لامتنع تقديمَ حينئذٍ نحو: سفيهُنا يقول، لو قلت: "يقولُ سفيهُنا" على التقديمِ والتأخيرِ لم يَجُزْ. والفرقُ: أنه في غيرِ بابِ "كان" يُلْبَسُ بالفعلِ والفاعلِ، وفي باب "كان" يُؤْمَنُ ذلك. والثاني: أنَّ "سَفيهُنا" فاعلُ "يقولُ" والجملةُ خبرُ "كان" واسمُها ضميرُ الأمرِ مستترٌ فيها. وقد تقدَّم هذا في قولِه: ﴿مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ﴾. وقوله "شَطَطاً" تقدَّم مثلُه في الكهف.
* ﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً ﴾
قوله: ﴿ظَنَنَّآ أَن لَّن﴾: مخففةٌ، واسمُها مضمرٌ، والجملةُ المنفيةُ خبرُها، والفاصلُ هنا حَرْفُ النفيِ. و "كَذِباً" مفعولٌ به، أو نعتُ مصدرٍ محذوفٍ. وقرأ الحسنُ والجحدريُّ وأبو عبد الرحمن ويعقوبُ "تَقَوَّلَ" بفتح القافِ والواوِ المشدَّدةِ، وهو مضارع "تَقوَّلَ"، أي: كَذَّب. والأصلُ تتَقَوَّل، فحذف إحدى التاءَيْن نحو: ﴿تَذَكَّرُونَ﴾ وانتصب "كَذِباً" في هذه القراءةِ على المصدر؛ لأنَّ التقوُّلَ كَذِبٌ نحو قولِهم: قعدْتُ جُلوساً.
* ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً ﴾
قوله: ﴿مِّنَ الإِنسِ﴾: صفةٌ لرجال، وكذلك قولُه "من الجنِّ".
* ﴿ وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً ﴾
قوله: ﴿أَن لَّن يَبْعَثَ﴾: كقولِه: ﴿أَن لَّن تَقُولَ﴾ وأَنْ وما في حَيِّزها سادَّةٌ مَسَدٌ مفعولَيْ الظَّنِّ، والمسألةُ من بابِ الإِعمال لأنَّ "ظنُّوا" يَطْلُبُ مفعولَيْن، و "ظَنَنْتُم" كذلك، وهو إعمال الثاني للحذف، مِنْ الأولِ، والضمير في "أنهم ظَنُّوا" للإِنسانِ، وفي "ظَنَنْتُم" للجنِّ، ويجوزُ العكسُ. وبكلٍ قد قيل.
(١٤/١١٧)
---


الصفحة التالية
Icon